العدد 612 - الأحد 09 مايو 2004م الموافق 19 ربيع الاول 1425هـ

المرأة في العمل السياسي... واقع الديكور أم واقع الفعل؟

«أصبحت ورقة حقوق المرأة البحرينية من أهم أوراق التأثير السياسي حديثا. وتلك حقيقة من المفترض أن تعيها المرأة قبل غيرها، فالمرأة بحكم الأرقام تشكل نصف هيئة الناخبين، وتأييدها لأي مشروع سياسي مؤداه بالضرورة ارتفاع أرصدة نجاحه» ذلك ما وجدته المحامية جليلة السيد مدخلا موفقا للولوج إلى موضوع المرأة والحق السياسي.

تتشعب قنوات الحديث عن حقوق المرأة السياسية وإهليتها لدخول معترك العمل السياسي، و كلما استجد طارئ على الساحة تثار معه قائمة من الأسئلة التي تحوم حول جدارتها وقدرتها مقارنة بالرجل في المعترك ذاته...

فهل المرأة البحرينية مؤهلة لخوض تجربة العمل السياسي واعتلاء مقاعد القيادة أم إنها لا ترقى إلى مستوى القيادة وتكتفي بموقع المنقاد وإضافة رقم إلى العدد الكلي من القاعدة العريضة من الجماهير، إذ تستخدم وتوجه وتوظف كديكور تجميلي يكمل الصورة العامة من باب المشاركة والمساهمة في صنع القرار...

للإجابة على سؤال : هل دخول المرأة إلى معترك العمل السياسي جاء كتكملة ديكور، سواء على مستوى نظام الحكم، أم على مستوى الأحزاب والمنظمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، وماذا إذا تم استخدامها أداة من قبل هذه الجهات، أو حتى من قبل التيارات الدينية؟

تقول الباحثة منى فضل: «يتطلب الأمر منا الموضوعية التامة، ويتطلب العودة إلى الخلف قليلا، أولا فيما يتعلق بتعريف السياسة أو العمل السياسي، إذ يعرفه الكثير من المحليين السياسيين، بأنه فن قيادة الدولة والمجتمع، والقدرة على صوغ ورسم البرامج من مختلف التطورات التي تحدث داخل المجتمعات، أو عندما تتأثر بما يحدث في المجتمعات الأخرى، وبلورة الموقف والعلاقة مع الآخرين».

«كذلك تعني السياسة أن يكون هناك حق للتفكير، والتعبير عن الرأي، والمشاركة في الانتخابات والترشيح لها، والانتماء إلى الأحزاب والمنظمات السياسية فضلا عن شمولية العمل السياسي للعمل النضالي للشعوب وتثبيت حقها من قضايا التحرر الوطني، وتحقيق التقدم على مستوى حقوق الإنسان (...) كل هذه الآراء من الواضح أنها استندت في عصرنا إلى نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية التي وقعتها الدول والتزمت بها أمام الشرعية الدولية وأمام شعوبها، بمعنى أن جزءا من هذه الاتفاقات، تدعو إلى مساواة المرأة بالرجل، وإلى تطوير مبدأ الشراكة الذي يدعو هو الآخر إلى وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار، وهذا الأخير طبعا مرتبط بشكل عضوي بموضوع الديمقراطية والتنمية في المجتمعات».

وهنا يلح السؤال: ما المقصود بالمشاركة السياسية للمرأة؟ هل تقتصر على الترشح والانتخاب في الانتخابات النيابية والبلدية؟ هل هي المساهمة في العمل وتبوء المناصب القيادية في الدولة؟ هل هي الانضواء تحت مظلة الجمعيات والأحزاب السياسية؟ أم هي مساهمتها تحت مظلة منظمات التيارات الإسلامية؟

تجيب فضل على هذه الأسئلة فتقول: «لو رجعنا إلى ذاكرة التاريخ الإسلامي، فإننا نرى أن الإسلام نص على أن هناك حقوقا شرعية للمرأة وأن تلك الحقوق مساوية ومتقاربة لحقوق الرجل، وأن لا فضل لأي منهما على الآخر إلا بالتقوى».

وتضيف: «نلاحظ من قصص التاريخ الإسلامي أن المرأة ساهمت في الحياة العامة، وساعدت في رص الصفوف أثناء الحروب وشاركت في القتال، ونقلت الحديث، الذي يعتبر أحد أهم المصادر الإسلامية، وتولت حسبة السوق التي يعتبرها الفقهاء فرعا من فروع القضاء...».

إذن هذا واقع مشرق لمشاركة المرأة في بدايات الإسلام، أما على صعيد تجارب الشعوب الأخرى فقد تبلورت أكثر نتيجة للثورة الفرنسية التي أعطت المرأة فرصا كبيرة لاقتحام ميدان الحياة العامة وميادين العمل المهني، وكذلك ما أفرزته انعكاسات الثورة البلشفية في روسيا، ما أثر على تراجع سطوة العادات والتقاليد، وتداخل ذلك مع تطور العلم، والتقدم الاقتصادي والسياسي للمجتمعات، ومجتمعنا كحال معظم المجتمعات تأثر بذلك، كما تأثرت مشاركة المرأة في الميدان السياسي كثيرا بسياق الثورات التي حدثت في المجتمعات، وتأثرت بالبرامج السياسية والتنموية، وعليه يرى الكثير من المحللين أن دخول المرأة في المعترك السياسي تأثر كثيرا بالتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبالتالي أثر على دور المرأة في برامج التنمية وصنع القرار.

وتضيف فضل «على رغم مشاركة المرأة العربية في النضالات الوطنية فإنها لم تنل نصيبها، ويرجع ذلك إلى تأثير الأعراف والعادات والتقاليد والنظم الاجتماعية السائدة وسلبية الرجل».

وتوضح: «هناك الكثير من المعوقات، منها الفقر والفساد وإشكالات لها علاقة بالمسألة الديمقراطية، وعوامل تهميش المرأة وتدني مستويات التعليم والمعرفة والثقافة، كلها أشارت إليها وحللتها تقارير التنمية الإنسانية للعامين 2002 و2003».

ووفق هذه المقدمات عبر العقود الماضية نستطيع الآن بشيء من الموضوعية أن نجيب على سؤال ما إذا كان دخول المرأة إلى معترك العمل السياسي مجرد ديكور، أم إنها فعلا قادرة على ذلك؟

وعن ذلك تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة سلوى المؤيد: «إن دخول المرأة البحرينية المعترك السياسي جاء عن قناعة، لكن الخلل يكمن في عدم تحضيرها لطريقة الدخول، والخلل الأكبر يكمن في من هن الداخلات، فالجديرات بخوض التجربة السياسية لم يرشحن أنفسهن لأنهن كن على يقين بأنهن لن يكسبن أصوات الناخبين في دوائرهن، واللاتي ترشحن لم يكن في سجل تاريخهن أي علامات فارقة في العمل الاجتماعي التطوعي، وهذه أسباب الفشل».

وبحسب المؤيد هناك أسماء تستحق الدخول وبقوة من أمثال سبيكة النجار وأمل الزياني وفايزة الزياني وفريدة غلام، «فهؤلاء أسماء تعمل وبإخلاص، ولو دخلن البرلمان لأثرن بشكل أكثر إيجابية (...) وأعتقد أن الفرصة في 2006 ستكون أكبر أمام المرأة البحرينية، بسبب تكشف حقائق التخبط وعدم وجود الخطط والاستراتيجيات والدخول إلى المجلس باسم الدين وتحت ستاره في المنتخبين الحاليين، فما هو واضح السعي للرواتب العالية والسيارات الفخمة، وما خدمة المواطن وقضاياه إلا في ترتيب متأخر من قائمة الأولويات».

تعود فضل إلى القول: «كانت طبيعة المتغيرات والتطوارت التي حدثت في واقع المجتمعات، وما أفرزته الحداثة من ظروف استدعت خروج المرأة إلى ميدان الحياة العامة، وهو ما دفع وفرض باتجاه مشاركتها في العمل السياسي، ودخولها كان لضرورة وقوفها إلى صف الرجال في الدفاع عن الوطن والمطالبة بالحريات العامة والقوانين الإنسانية التي تحكم المجتمعات، وهذا ما دفعها إلى الانخراط في ميدان العمل السياسي السري للأحزاب أحيانا، ودفعها الاحتلال إلى حمل السلاح أحيانا أخرى».

لكن المشكلة: «إن أنظمة الضبط الاجتماعي لم تغير نظرتها تجاه المرأة ودورها سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وهنا تم استغلال تفسير الدين والشرع، كما استغلت المرأة، واستخدامه بحيث يحد من مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وعليه أخذت بعض المجتمعات مواقف سلبية من مشاركتها في الانتخابات فهي تقاطَع ولا يتم انتخابها لا لعدم مقدرة، وجاء العرف والتقليد ليجعل الرجل يستغل صوت زوجته وابنته وأخته وأمه لصالح الصوت الانتخابي الذي يرجحه هو بصفته قائدا ورب بيت».

من جانبه يقول أستاذ مساعد علوم الحياة في جامعة البحرين عبدالله عبدالرسول «إن المرأة في البحرين هي إحدى نوعين النوع الأول يدخل التجربة السياسية من مواقعها المختلفة من باب أسماء عائلات، أي وفق اعتبارات قبلية وحسابات خاصة تتحدد وفق تفسير مصطلح الولاء، وهذا شأن الرجل أيضا، والثاني من باب الاستعراض، على حساب الكفاءات الحقيقية والكوادر المعطاءة.

وبحسب عبدالرسول فإن جامعة البحرين تعج بالعناصر النسائية الجديرة بدخول معترك العمل السياسي والتي بدأ ت تأخذ فرصتها في الآونة الأخيرة، ونحن نفهم أن التغيرات العالمية والإصلاح العالمي ومشروع الشرق الأوسط الكبير، يعني ديمقراطية وانتخابات وناخبين بالشكل وليس المضمون، ونكتفي بتعيين (الأوائل) أول سفيرة، وأول وكيلة وأول وزيرة من دون أن نبحث عن الأجدر، ونسينا أن الآخرين سبقونا بكثير، وأن النساء بايعن الرسول ودخلن معه في معاهدات وصفقات (...) ونحن هنا لا نلوم الرجل بل نلوم المرأة التي لا تحارب لتنتزع حقها، وتكتفي بأن يمنحها إياه الرجل، أو تندب حظها، لذلك فان نظام الكوتا هو الأفضل لفسح المجال أمام الكفوءات من سيدات المجتمع.

- ولكن هل تم استخدامها أداة من قبل هذه الجهات، أو حتى من قبل التيارات الدينية أو حتى الأحزاب السياسية أو الدولة؟

أعتقد أن الإجابة الموضوعية تكون بنعم ولا في آن، نعم- تقول فضل- «نلاحظ تبعية المرأة إلى زوجها أو أبيها أو أخيها في تغليب الرأي الديني حتى في أقرب القوانين التي تأتي لمصلحتها ومصلحة بنات جنسها (قانون الأسرة) الذي وقف بعض علماء الدين دونه، وتم استغلال صوت المرأة لكي تعبر عن تبعيتها إلى مرجعيتها الدينية وليس لمصلحة بنات جنسها (...) استغلال من الأحزاب والمنظمات السياسية، نعم موجود، والدليل هو عندما تغلب الشعارات السياسية، ومصلحة الحزب على مصلحة الأجندة النسائية ومطالبتها، والسبب طبعا حتى لا يتعارض الموقف مع تحالفات تلك المنظمات (...) كذلك فرض بعض الطقوس والسلوكات ومن أمثلتها مسألة الاختلاط والعزل المكاني الذي يمارس على المرأة حتى من قبل بعض المؤسسات السياسية وهو يتخذ كإجراء في بعض المنتديات والأماكن إذ يكمن وراءه مجاملة للتحالفات والعلاقات مع بعض المؤسسات الدينية».

إلى ذلك تقول عضوة اللجنة السياسية في جمعية «الوفاق» زهرة مرادي: «هناك كفاءات مؤثرة في صنع القرار، بيد أن استخدام المرأة وتوظيفها وارد، وهذا يشمل الرجال والنساء».

وتضيف مرادي: «من خلال تجربة عامين في العمل السياسي في الوفاق من خلال اللجنة السياسية خرجت بتصور أن المرأة تشارك بفاعلية من خلال البحوث والدراسات»، لكنها تعود فتؤكد أن التوظيف وارد... «التيار العام يأخذ أكثر مما يعطي، ويتلقى أكثر مما

العدد 612 - الأحد 09 مايو 2004م الموافق 19 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً