على غير التوقعات، فاجأ الرئيس الاميركي جورج بوش العالم برسالة أخرى تحمل الضمانات الجديدة إلى المنطقة فيما يخص الصراع العربي الاسرائيلي، وحصلت «الوسط» على نسخة منها باللغة الانجليزية وجرى ترجمتها الى العربية. وعلى رغم اضطراب العلاقات بسبب الضمانات التي منحها بوش لأرييل شارون التقى الملك عبدالله الثاني والرئيس الاميركي في قمة جمعتهما. وبحسب توافق الآراء السياسية والاستراتيجية لمحللين قالوا لـ «الوسط»: فإن القمة التي جمعت الرجلين اعادت صوغ الموقف من جديد، وجاءت رسالة الضمانات الى الاردن، محصلة للجهد الدبلوماسي الاردني، وباتجاه دور اردني واضح في المستقبل القريب، بخصوص طرح رسالة الضمانات والوعود الرئاسية الأميركية امام الملوك والزعماء العرب في قمة تونس المتوقعة في الاسبوع الاخير من الشهر الجاري، وخصوصا ان رسالة الضمانات تتعهد بالوصول بالمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الى تحقيق الرؤية الاميركية بانشاء الدولة الفلسطينية والالتزام بنتائج الوضع النهائي استنادا الى قرارات 242 و338 ما يشكل ورقة عمل اضافية على الجهود الدولية لحل القضية. لقد جاءت القمة الاردنية - الاميركية، محطة لقراءة الملفات الساخنة في المنطقة، فيما يتعلق منها بالصراع الفلسطيني - الاسرائيلي او الاوضاع الناشئة عن احتلال العراق، وفي الحالين، عبر ملك الاردن عن موقف عربي يؤمن بضرورة قيام الولايات المتحدة بدور فاعل فيما يخص إعادة عملية السلام وتشجيع الجانب الفلسطيني على الجلوس مع الطرف الاسرائيلي والعودة الى طاولة المفاوضات و«خريطة الطريق»، وقيام الدولة المستقلة. وفيما يأتي نص رسالة الضمانات التي وقعها الرئيس بوش وتسلمها عبدالله الثاني في واشنطن:
صاحب الجلالة... «أود أن أخبركم عن مدى فرحتي برؤيتكم خلال زيارتكم لواشنطن. وكما هو الحال دائما، فإن مناقشاتنا أثبتت أنها قيمة جدا، في مساعدتي على فهم سلسلة من القضايا التي تواجه بلدكم في هذا الوقت الحافل بالتحدي والفرص في الشرق الأوسط.
كان مفيدا لنا أن نستعرض القضايا الثنائية الكثيرة على أجندتنا. وأنا سعيد وفخور لأن العلاقات الثنائية بين بلدينا لم تكن في يوم من الأيام أقوى مما هي عليه الآن. إننا نواصل تقوية العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية، وإيجاد فرص جديدة للعمل في الأردن والولايات المتحدة. تظل اتفاقاتنا للتجارة الحرة نموذجا للمنطقة فيما نسعى وراء منطقة تجارة حرة شرق أوسطية. كما أن التعاون بشأن القضايا الاقتصادية حاليا أقوى من أي وقت مضى. إنني مسرور لأن الولايات المتحدة تدعم بقوة رؤيتكم لأردن حافل بالسلام والإزدهار من خلال دعم مباشر لبرنامج التحول الاجتماعي والاقتصادي، وبرامجنا للمساعدة الثنائية ومن خلال دعم قوي في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للإصلاحات التي تقومون بها جلالتكم.
كما استعرضنا عددا كبيرا من القضايا الإقليمية التي تواجه الأردن. تشعر الولايات المتحدة بالامتنان لمملكتكم لصداقتها الثابتة. لقد عمل بلدانا عن كثب لضمان أن تكون المنطقة، والعالم في حقيقة الأمر، أكثر أمنا وازدهارا وحرية. وبعد أن لم يعد هناك دكتاتور في بغداد يهدد الشرق الأوسط، فإن الشعب في الأردن وفي كل الدول المجاورة للعراق هم الآن في وضع أكثر أمنا. إن الولايات المتحدة تدعم بقوة جهود المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي، في قيامه بالتشاور مع العراقيين والتحالف بتطوير خطة مع نهاية شهر أيار لتشكيل حكومة عراقية انتقالية. ففي الثلاثين من يونيو/ حزيران، سوف ينتهي الاحتلال وسوف تتولى الحكومة العراقية الانتقالية ذات السيادة مقاليد الأمور. وفي كل ما فعلته الولايات المتحدة في العراق كنا دائما نأخذ مصالح الأردن بعين الرعاية.
وبنقل السيادة إلى العراقيين الأحرار في الأفق، فإن علينا أن نعمل معا على تعزيز هدفنا المشترك من أجل منطقة حرة ومستقرة ومزدهرة. إن الأردن تحت قيادتكم قوة محركة للإصلاح والتغيير في الشرق الأوسط. وستكون استضافة جلالتكم لاجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي في هذا الشهر معلما مهما يظهر للعالم بوضوح أن المنطقة تتشوق للإصلاح والفرصة. سيكون موضوع الإصلاح في الشرق الأوسط بأسره أمرا مركزيا في قمة مجموعة الثمانية في شهر يونيو، وسيكون أي توجيه يخرج من المنتدى الاقتصادي العالمي أكثر نفعا كموجه للعمل المستقبلي.
لقد أسعدني خلال زيارتي أن أستطيع مناقشة المسعى المستمر إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. وأنا أثني على جهودكم في السعي إلى السلام والعدالة في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وأظل ملتزما كما هو حالي دائما لرؤيتي في 24 يونيو 2002 لدولتين، «إسرائيل» وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن. إنني أدعم الخطة التي أعلنها رئيس الوزراء شارون لسحب المستوطنات من غزة ومن أجزاء من الضفة الغربية. يمكن لهذه الخطة الجريئة أن تقدم مساهمة حقيقية نحو السلام. ولن تتحيز الولايات المتحدة إزاء نتيجة مفاوضات الوضع النهائي، ويظل على جميع قضايا الوضع النهائي أن تنبثق عن المفاوضات بين الأطراف وفقا لقراري مجلس الأمن 242 و338. إن خريطة الطريق - وهي الخطة الوحيدة التي تبنتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة وكثير من الأقطار في كل أنحاء العالم بالإضافة إلى «إسرائيل» والفلسطينيين - تمثل أفضل مسار نحو تحقيق تلك الرؤية وأنا ملتزم بجعلها حقيقة واقعة.كنتم جلالتكم مساندا قويا لعملية السلام والجهود الرامية إلى حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بطريقة عادلة ومنصفة. تنوي الولايات المتحدة مواصلة العمل معكم عن كثب للمساعدة في تحقيق ذلك الهدف، ومساعدتكم في جهودكم التاريخية لقيادة الأردن نحو سلام وحرية وازدهار أكبر.
صاحب الجلالة... إنني أدرك أن بلدكم وشعبكم لهما مصالح مهمة في أية تسوية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وأنا أعرف أن لبلدكم مصالح مهمة في ظهور عراق جديد. إنني أطمئنكم أن حكومتي تنظر إلى أمن الأردن وازدهاره وسلامة أراضية على أنه أمر حيوي، وسوف نعارض أية تطورات في المنطقة يمكن أن تتهدد مصالحكم».
المخلص جورج بوش
العدد 611 - السبت 08 مايو 2004م الموافق 18 ربيع الاول 1425هـ