منذ سبعين عاما، والعرب يرفضون قبل أن يفكروا، لأن الرفض «أسلم» من القبول لدى بعض الناس، وأشهر لاءاتنا العربية هي لاءات الخرطوم المشهورة، بصرف النظر عن صحتها.
الأمر لا يقف عند القرار السياسي، بل تسرب أيضا إلى الناس، فأصبحت كلمة «لا» وما يتناسب معها من معان أخرى هي الحاضرة دائما في البداية، وهذا ما لمسته من كلام كل المداخلين تقريبا في ندوة يوم الثلثاء الماضي عن مستقبل حرية التعبير، إذ قيلت «لا» كبيرة للصحافة المحلية، بشكل خلا من الموضوعية والصدقية حتى، فكان عدد من الحاضرين أتى لا ليسمع ويناقش ما يسمعه، بل لكي يقول «لاءاته» ويمضي، حتى طرح في الندوة أن المواقع الإلكترونية هي «الرئة النظيفة التي يتنفس منها البحرينيون»، وأن «الصحافة لا تعدو أن تكون منخلا من كثرة الثقوب، بينما المواقع الإلكترونية بها ثقب واحد فقط» إشارة إلى البعد الطائفي في عدد منها.
ولا أدري لم يصعب على عدد من المشتغلين في السياسة، أو القريبين منها، الإقرار بأن ثمة أمورا جيدة في مقابل أمور سيئة، وأن هناك ما يمكن التعويل عليه، في مقابل ما يمكن إصلاحه، لأن المتداخلين نسوا كم من الملفات التي فتحت الصحافة في الشأن المحلي، وكم أدت الصحافة أدوارا في خلق توازن جيد في الشارع، وحتى ذاك الذي أشار إلى أن الصحافة عملت على تشويه سمعته، نسي أن الصحافة - أيضا - هي التي دافعت عنه (مبدئيا وليس شخصيا) الأمر الذي أثمر عن تحول إيجابي لدى وزارة الداخلية.
سيظل التسابق في قول الـ «لا» أمرا محمودا في الكثير من النشرات والمقالات، كونها دليل الوعي لدى البعض، في الوقت الذي يُعتقد أن هذه الكلمة استنفدت جل أغراضها منذ الانفتاح السياسي، لكي يفرغ «اللائيون» ما اختزن في أنفسهم، ويشرعوا للنظر إلى الأمور بالموضوعية التي تتطلبها المرحلة
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 610 - الجمعة 07 مايو 2004م الموافق 17 ربيع الاول 1425هـ