قال الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبته أمس في جامع الإمام الصادق في الدراز «لابد أن نتفق أن هناك درجة من الإصلاح، وعلينا ألا ننكر ذلك، وأنها خطوة على الطريق الطويل ولا تعني النهاية، وأن التطوير والتنبيه عليه والمطالبة به أمور لا يصح أن تتوقف، مع درجة كافية من الانضباط والتقيّد بما أمر الله عز وجل التقيد به». وقال قاسم «إن المسيرة السياسية لا يمكن أن تخلو من الخلافات، وإذا كان أي خلاف سيجرد السيف من غمده، ويخرب العلاقة، ويحدث القطيعة، ويثير حالة التوتر والمواجهات الساخنة، فهذا يعني الفشل السياسي عند الجميع». مؤكدا «لا نودّ أبدا أن تنهدم الجسور بين الجمعيات السياسية والحكم، ولا بين الشعب والحكم، وطرفا الحكم والجمعيات السياسية ليس بينهما الفاصلة التي تمنع المباشر. والحوار لا يعني أبدا إلغاء القنوات الدستورية، والطرق الرسمية فيما ترتبط بها من صلاحيات وأدوار، ولا يتنكر لها».
الوسط - سلمان عبدالحسين
قال الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبته أمس في جامع الإمام الصادق في الدراز بشأن عريضة الجمعيات الأربع: «إن العريضة ليست للتحدي، ولا تمثل تمردا على النظام والقانون، بدليل العدول عن الصيغة الأولى لتدشينها، مع كونها في نظر معتمديها على الأقل مدعومة من الميثاق ودستور سنة الـ 1973 ودستور سنة 2002»، مبينا أن هذه العريضة تمسكت في مطالبتها بالتعديل وفق الميثاق ومشروع الإصلاح، وهي بذلك لا تسعى لهدمهما.
وأضاف قاسم «لابد أن نتفق على أن هناك درجة من الإصلاح، وعلينا ألا ننكر ذلك، وأنها خطوة على الطريق الطويل ولا تعني النهاية، وأن التطوير والتنبيه عليه والمطالبة به أمور لا يصح أن تتوقف، مع درجة كافية من الانضباط والتقيد بما أمر الله عز وجل التقيد به»، معتبرا أن العرائض التزمت بأكثر الأساليب سلمية في مطالبتها، ولا يتصور أن يكون هناك اعتراض جذري من الحكومة على طريقة العرائض.
ولفت قاسم إلى أن التعديل الدستوري مطروح في إطار الجمعيات، وفي أوساط البرلمانيين، والشارع، واستبعد أن تهمل الحكومة هذا الاتجاه العام وتتجاهله، فلا منكر في المطالبة بالتعديل، أما الطريقة فليس من المستحيل الاتفاق بين الأطراف عليها، وليس من الضروري حصرها في مصداق واحد، ولا ينبغي للطرفين أن يسمحا بالدخول في النفق المظلم بهذا السبب أو ذاك، مما يمكن التخلص من إشكاله بالعقل والحكمة والحرص على المصلحة الوطنية.
وتساءل قاسم: «وهل أخرج من ذلك النفق في الحقبة السابقة إلا العقل والحكمة والتدبر، وهل يتوقع طرف من العودة إليه ربحا محرزا، أو ربحا بلا خسارة؟». وأجاب: «يستحيل ذلك». كما تساءل أيضا: «وهل من طريق أهدأ وأبقى على مصالح الوطن، وأضمن للفاعلية المؤثرة، للحكمة، والعقل، والدين، ووعي المصلحة في اتخاذ القرارات، والتوصل إلى الحلول، يمكن أن يتقدم طريق الحوار الهادف المخلص فيما عرفه الإنسان من طرق ووسائل بالأمس واليوم؟».
واعتبر قاسم أن أصل التوقيف لعدد من المواطنين المشتغلين على توقيع العريضة في ظل القناعة التامة بقانونية الممارسة التي مازالت قائمة وثابتة، واستمرار هذا التوقيف يعقّد الحال الموضوعية، ويضيف صعوبة أمام الخروج من الخلاف، ويزيد في حدته، فالكل يتكئ في خلافه على الميثاق والدستور، ويحتج بدلالتهما، الحكومة تحتج بالميثاق والدستور ودلالتهما، والجمعيات السياسية هي الأخرى تحتج بما تحتج به الحكومة نفسه.
وأشار قاسم إلى أن المسيرة السياسية لا يمكن أن تخلو من الخلافات، وإذا كان أي خلاف سيجرد السيف من غمده، ويخرب العلاقة، ويحدث القطيعة، ويثير حال التوتر والمواجهات الساخنة، فهذا يعني الفشل السياسي عند الجميع، وتخلف القدرة على مواجهة المشكلات السياسية بنَفَس سياسي بعيد عن التهديد، والاستخدام الفعلي للغة القوة من هذا الطرف أو ذاك، كما يعني خسارة الوطن، وتدمير المصالح الوطنية، وكل النتائج الكارثية التي تترتب على سياسة استعراض العضلات من طرف أو آخر.
وأضاف «للإنصاف، فقد برهنت الجمعيات السياسية على درجة عالية من الانضباط في التعامل مع الخلاف وهذا ما يجب، وأكد الموقف الشعبي في تقديره للمصلحة الوطنية وانضباطه التام استحقاقا عاليا جدا لأن يعامل باحترام، ويقدر له وعيه السياسي بتعجيل مسيرة الإصلاح، وتوسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار، واتجاه الصيغة الدستورية للتناغم مع طموحاته المعتدلة والمشروعة بدرجة أكبر».
وأوضح قاسم «ان مرجع الموقف الحكومي الذي أخذ في الآونة الأخيرة قد يكون رد فعل فوق التوقعات، وهو أن تحرك العريضة أرسل إشارات غير مقصودة أصلا، وهذا ما يجب أن يصححه الحوار المفتوح على المسألة السياسية في أجواء تستعيد حال الثقة، وتزيدها رسوخا ومتانة، وتخرج بالنتائج التي تؤكد الاهتمام المشترك بمصلحة الوطن، والتقدم بأوضاعه، ومستوى الحقوق المشروعة فيه».
وختم قاسم حديثه بالقول: «لا نود أبدا أن تنهدم الجسور بين الجمعيات السياسية والحكم، ولا بين الشعب والحكم، وطرفا الحكم والجمعيات السياسية ليس بينهما الفاصلة التي تمنع المباشر، والحوار لا يعني أبدا إلغاء القنوات الدستورية، والطرق الرسمية فيما ترتبط بها من صلاحيات وأدوار، ولا يتنكر لها».
وفي الموضوع ذاته، قال رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان في خطبته في جامع الإمام الصادق في القفول أمس: «نعتقد أن العمل السياسي السلمي حق مكفول وفقا للعقل والشرع والقانون المحلي والدولي والنظم السياسية، وهو عمل لا جدال فيه ولا غبار عليه ووضوح ذلك في غاية البداهة، لافتا إلى أن محاربة العمل السياسي السلمي هو سعي للبقاء على حال التخلف، وأي قانون في أي دولة يصادر حق حرية الممارسة السياسية السلمية يعني مصادرة فضة لهذا الحق».
وأضاف «لقد اجتزنا هذه المرحلة، وأصبح الناس يتكلمن عن المسألة السياسية ويعرفون أهميتها، معتبرا أن توقيع العرائض الأهلية التي تقوم بها المؤسسات الأهلية لأي غرض كان يدخل في إطار العمل السياسي السلمي المشروع، ولكن حينما يسود التخلف ويخرج النظام السياسي عن موازين العقل والشرع والحضارة والتقدم، تنزل موازين ما أنزل الله بها من سلطان، وتظهر صور من التخلف، ويجعل من العبودية هدفا».
وأشار سلمان إلى أن الجمعيات السياسية «أكدت عدة مرات وتؤكد اليوم كذلك أن إرادة الانتماء اليها إرادة حرة، فلم يجبر أحد على الدخول لهذه الجمعيات وتوقيع العريضة الدستورية، ولو سلمنا جدلا وقلنا إن بعض الأفراد قاموا بإجبار البعض على الانتماء - وهو أمر مستبعد - فيجب ألا يحمل ما يقوم به بعض الأفراد غير الملتزمين بأوامر الجمعيات على الجمعيات القائمة على العريضة، فالناس أحرار في الانتماء وعدم الانتماء».
وأضاف «إذا كنا لا نجبر أحدا على الانتماء إلى الجمعيات فعلى كل المسئولين وغيرهم أن يحترموا إرادة الناس الراغبين في الانتماء إلى الجمعيات، مؤكدا أن هناك إرادة شعبية للانتماء إلى الجمعيات، ولم تقم هذه الجمعيات بشيء سوى أنها نظمت هذه العملية ووفرت أماكن متعددة لذلك لكثرة الأعداد، فما المخالفة القانونية في ذلك؟ وفي هذه الأيام تبقى مقار الجمعيات مفتوحة لاستقبال الراغبين في الانتماء إليها».
وبشأن الموقوفين، قال سلمان: «في الوقت الذي نستنكر فيه حالات الاعتقال ونطالب بالإفراج الفوري عنهم، لابد من التعبير عن الرضا للإفراج عن البعض منهم ونتمنى أن نراهم جميعا بيننا في القريب العاجل»، مشيرا إلى «أن التهم الموجهة إلى المعتقلين تهم غير معقولة وغير منطقية تماما».
ولفت سلمان إلى وجود كلام يتردد ان المعارضة لا تعترف بشرعية النظام فكيف تنادي بحقوقها في ظله؟ ورد على ذلك بالقول: «إننا قلنا وكررنا ونقول الآن إن مشكلتنا ليست مع شرعية النظام، فمما ننادي به هو الرجوع إلى ما نص عليه دستور 1973، وما نص عليه ميثاق العمل الوطني، وكلاهما ينصان على شرعية النظام، فالمشكلة في نقاط أخرى تستند إلى آراء القانونيين، ولابد من التحاور بشأنها والوصول إلى حل بخصوصها».
ولفت سلمان إلى «ان القوانين التي استخدمت في الحوادث الأخيرة تحمل روح ونص قانون أمن الدولة، وهي لا تتناسب لا روحا ولا نصّا مع شعارات المشروع الإصلاحي، وهي قوانين غير دستورية، لأنها تتعارض مع نصوص الحريات والحقوق المثبتة في الدستور، ومن المفترض أن تقوم المحكمة الدستورية بإلغاء هذه القوانين لأنها غير دستورية»، مضيفا «نحن مع تطبيق القانون، ولكن ما أقبح أن يكون الظلم باسم القانون، فالتمييز العنصري في جنوب إفريقيا كان باسم القانون، والتمييز العنصري في فلسطين المحتلة باسم القانون، فهذه قوانين، ولكنها قوانين ظالمة ويجب ألا تبقى، ومثلما كان القرار شجاعا بإلغاء قانون أمن الدولة، نرجو أن يتم إلغاء هذه القوانين بقرار شجاع».
وأشار سلمان إلى أن الحال التي وصلنا إليها في البلاد «لا يحبها أحد، كنا وخلال ثلاث سنوات نقول ونفتخر بعدم وجود سجين سياسي واحد في المعتقلات لأول مرة منذ خمسين عاما، ثم نأتي وننهي ذلك، ونقوم بعملية اعتقالات ليس لها معنى، فنحن نرغب في أن تسود الحرية البحرين، ونرغب في أن يكون سجلها نظيفا لدى جمعيات حقوق الإنسان، ولكن ماذا نقول إن قامت الحكومة بعكس ذلك؟».
وتطرق سلمان إلى تجمع عدد من أهالي المعتقلين في شكل اعتصام سلمي وهادئ، وقال: «أعتقد ان ذلك حق من حقوقهم، وهذه الاعتصامات يجب أن تكون محصورة في أهالي المعتقلين فقط في هذه الفترة، والجمعيات لا ولن تقف مكتوفة الأيدي في قضية المعتقلين».
وعلى صعيد متابعة قضية المتعقلين، أكد سلمان أن هناك مجموعة من المحامين الذين يتابعون قضية المعتقلين أولا بأول حتى لحظة الإفراج، وعلى البعد الحقوقي تم الاتصال بجمعيات حقوق الإنسان في الداخل والخارج، أما على البعد السياسي، فقد تمت مخاطبة الجمعيات السياسية والشخصيات المستقلة، ونحن نشعر بالمسئولية تجاه الاخوة المعتقلين، وسنواصل عملنا بالأساليب الحالية، وهناك أساليب أخرى محل التدارس، ولن نهدأ حتى نراهم بيننا.
وأضاف «نحن لا نرغب في أن يعتقل أي شخص، ولكننا نصرُّ على العمل السلمي وتصحيح الواقع، إن عدالة مطالبنا ومشروعية حركتنا تجعل العشرات والمئات والآلاف منا يدخلون المعتقل بطيب خاطر في سبيل تحقيق المطالب، كما نؤكد سلمية الحركة، وحين يتأزم الوضع فلن يكون في صالح أحد، إذ سيتأثر الوضع الاقتصادي والأمني والتعليمي وغير ذلك».
الشرقي يتحدث عن التعذيب في العراق
تطرق خطيب جامع يوسف بن أحمد كانو في مدينة حمد الشيخ جلال الشرقي إلى الحياء بوصفه شعبة من شعب الإيمان، مؤكدا أنه ينبغي على المسلم أن يتصف بهذه الصفة العظيمة، بأن يتحرج الإنسان في نفسه، ويظهر ذلك على وجهه عندما يرتكب القبيح من الأفعال والأقوال، فالمسلم قد يرتكب المعاصي، ويترك الواجبات، فيستحي إما من الله، وهو أعلى درجات الحياء، أو يستحي من أن ينظر إليه الناس.
وأشار الشرقي إلى ما ذكره الكاتب مصطفى السباعي في كتابه «هكذا علمتني الحياة»، إذ نقل عنه أنه قال في كتابه «إذا حدثتك نفسك بالمعصية، فذكرها بالله، فإن لم ترعوي، فذكرها بالناس، فإن لم ترعوي، فاعلم أنك قد خرجت من البشرية وأصبحت كالحمار».
وأضاف «للأسف أننا نجد بعض المسلمين اليوم قد وصل إلى مستوى الانحطاط، فلم يستح من الله ولا من الناس، وبدأ يجاهر بالمعاصي من دون أي إحساس إنساني، فأصبح كالبهيمة، فهو لا يستحي من أن يذهب إلى الخمارة، ويحتسي الخمر أمام الناس، ولا يستحي من أن يتحدث بجريمة الزنا أمام أصحابه، وهو يضحك ويفتخر بذلك، ولا يستحي من أن يسترق النظر إلى عورات جيرانه.
وأسقط الشرقي موضوع الحياء على ما بثته القنوات الفضائية من تعذيب الأميركان للعراقيين، فقال: «إنني لا أعجب مما يفعله الأميركان والإنجليز في إخواننا المسلمين في العراق، مما شاهدتم في الفضائيات من صور التعذيب، إذ تكشف المستوى الحيواني الذي كان عليه الجنود الأميركان والإنجليز، لخوائهم الروحي والخلقي، فهم كالبهائم، فقدوا صفة الحياء والإنسانية، ولابد لنا أن نعترف اليوم ونقر بأن أميركا التي بهرت الناس بحضارتها المادية، نجد شعبها من أحقر الشعوب في الجانب الخلقي والإنساني، والدليل على ذلك المواقف والصور التي شاهدتموها في الفضائيات، فكفانا تقليدا ومدحا لهذه الشعوب التي بلغت من الحضيض والحقارة ما بلغت».
أما خطيب جامع الفاتح الشيخ عدنان القطان فأشار في خطبته إلى أن البصير لو قلّب هذا العالم بقواته وتقنياته ونظمه، والواقع وما به من مشكلات وويلات على مستوى كثير من الدول والشعوب والأفراد، لوجد أن أصحاب هذه القوى، وملاك هذه التقنيات لا تحركهم إلا مصالح ذاتية، أو أنانيات مستحكمة، فقد قست قلوبهم، وفسدت بواطنهم، وخبثت نياتهم، ولو حسن لفظهم، ولانت ألسنتهم، ورقت ابتساماتهم، بل إن حالهم وواقع أمرهم حب السوء لغيرهم، والميل إليه وتوسعته والدعوة إليه.
وتساءل القطان: «من الذي يقف وراء الحروب الطاحنة الظالمة غير المتكافئة في فلسطين والعراق وفي كشمير والشيشان وغيرها من بلدان المسلمين؟ ومن الذي يزرع بذرة الشقاق والنزاع بين المسلمين، حكومات وشعوبا وأحزابا، ويخلق الجماعات العدوانية الإرهابية، ويبذل من أجل ذلك الجهود الجبارة، حتى تظل الدول الإسلامية التي طالبت باستقلالها في قلق دائم وصراع مستمر؟».
وتساءل أيضا: «من الذي يزرع الطائفية والحروب الأهلية، وينمي النعرات القومية، ويوزع الاتهامات الانتمائية، ويغذي الأحقاد العنصرية وسائر المشكلات الدولية والإقليمية؟». وأجاب على كل ذلك: «إنهم أعداء المسلمين الذين يعملون على نشر الفساد والفتن بين الناس، وقلما يعملون على حل المشكلات، مع كونهم في كثير من المواقف قادرين على حل المشكلات والإصلاح وإطفاء الفتن، لكنهم لا يفعلون، بل يقدرون في كثير من الأحيان على تحديد ما يترتب من فساد ذات البين، ثم لا يصلحون، وقد يهدئون بعض المناطق الساخنة إلى حين، إلا أنهم من خلال تحركاتهم ووسائلهم يلهبون نار العداوة، ويحرضون الشعوب على حكوماتها»
العدد 610 - الجمعة 07 مايو 2004م الموافق 17 ربيع الاول 1425هـ