أخطاء العظماء تبقى وشما على معصم الفقراء وإن طال الزمن وتغير المكان. يبقى أثر هؤلاء الكبار على الصغار بحجم الكارثة وإن اختلفت مسميات الجرائم سواء كانت معنوية أو مادية. فلكل فعل يقابله رد فعل يكون الضحية دائما في موقع المغلوب على أمره ولا حول له ولا قوة. وإن عصفت رياح التغيير يين فئة المغلوبين تكون الغلبة لمن يملك القوة والبطش، وهذا هو ما اقترفته القوة العظمى الولايات المتحدة في العراق بالضبط، متعالية على القوانين التي كانت تحكم المنظمة الدولية، ومتجاوزة الأعراف الدبلوماسية تحت مسميات واهية. فقد أطلقت واشنطن العنان للسيطرة على بلاد الرافدين بذريعة امتلاك نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين أسلحة دمار شامل تهدد استقرار جيران العراق أو ربما منطقة «الشرق الأوسط الكبير»، ذاك المسمى الذي أطلقته واشنطن لأجل «تحرير» منطقة يبلغ مداها الجغرافي ما بين المحيط الأطلسي إلى غرب المحيط الهندي.
الخطأ الأميركي مازال منفذوه يعانون من ويلات المقاومة العراقية في مختلف مناطق العراق، من النجف حتى كركوك والفلوجة، مدن أخذت جميعها على عاتقها مسئولية التحرير لكن بمنظور عراقي بحت، يضم تحت جناحيه أطياف وأجناس الشعب العراقي.
وآخر خطأ سرده الرئيس الاميركي جورج بوش على سبيل الدعابة الهزلية حينما روّج دعاية عن أهمية وجود قوات بلاده التي حملت على عاتقها مهمة «تحرير العراق» من وطأة صدام، والعثور على الأسلحة المخبأة التي ادعى وجود مثلها في ليبيا. وقال إنهم عثروا على غاز للخردل في طرابلس بكمية تبلغ خمسين طنا في مزرعة لطيور الديك الرومي! (الديك الرومي مرة واحدة!) وسرعان ما اعترف البيت الأبيض بخطأ رئيسه وصحح أقواله المغالطة، وقال إن كلام بوش بشأن المواد الليبية هي كالآتي: مواد كيماوية مفرغة ونسبة ضئيلة لا تتعدى 23,6 في المئة، كما انها ليست في مزرعة طيور إنما في جميع مناطق ليبيا! هذا التصحيح الذي أضفى عليه بوش صفة التضخيم ربما يجعلها ذريعة أخرى يربط بينهما في جوانب متعددة ليستخلص تفسير الحلم الذي راوده في سباته، والذي ترجمه سابقا في حربه على بغداد
العدد 609 - الخميس 06 مايو 2004م الموافق 16 ربيع الاول 1425هـ