بعض المواقع الرمزية تحتاج إلى تجاوز فعلا، لأنها لا تستطيع تجاوز ما بنته من امتيازات ومصالح سياسية، إذ توجد حاجة إلى اللجوء إلى عموم الناس، أو التيار الوسط من الناس، لأنه الأكثر شفافية، والأكثر خلوا من الحزبية والفئوية، وعادة ما ينظر إلى المصالح والقضايا الوطنية بمنظار عام لا تؤثر فيه الامتيازات الخاصة، فهو المستقبل الفعلي للوطن بعيدا عن تطييف الملفات السياسية أو تحزيبها. ما قامت به «لجنة الدفاع عن المعتقلين البحرينيين في غوانتنامو والسعودية» من موقف مشرف تجاه موقوفي عريضة الجمعيات الاربع، عبر الدعوة إلى إطلاق سراحهم بكفالة في عريضة موجهة إلى النائب العام، يؤكد بكل وضوح أن ثمار التضامن الشعبي مع الشيخ محمد صالح أو مع معتقلي غوانتنامو قد آتى أكله، وقدم نموذجا للتضامن في الاتجاه الآخر. وفي مثل هذا التوجه، نجد أبناء المحرق يتصدون للكثير من الخطابات المشبوهة التي تدعي الدفاع عن مصالح مناطقية، وتتلبس أدوار بطولة وهمية بحديثها عن تهديدات لها، ومثل هذا التصدي للمواقف المشبوهة يرسم مصيرا مشرقا لهذا البلد بكل طوائفه وفئاته، ويردم سنوات طويلة من الفجوة بسبب المواقع الرمزية المصطنعة. أخيرا: فإن العقلاء من أبناء الوطن مطالبون بمبادرة لاحتواء الموقف السياسي المتصاعد بين المعارضة والسلطة، ليس على غرار الكلام اللامسئول «فعلها الكبار ووقع فيها الصغار» فهذا نقض للمواقف التضامنية التي حصلت في السابق، وإنما على غرار رسالة «تحمل المسئولية القانونية» التي ستوجه إلى النائب العام، وسيوقعها شخصيات مرموقة، لتعيد للحركة الوطنية أمجاد هيئة الاتحاد الوطني في هذا الموقف العصيب، وإذا ما استمرت المواقع الرمزية من الطرفين في عنادها السياسي، وتشبثها بمكاسبها السياسية، فعليها تقبل مصير لا يخلو من نزاعات يؤسس لها «الكبار» ليقع فيها «الصغار»
العدد 609 - الخميس 06 مايو 2004م الموافق 16 ربيع الاول 1425هـ