ليس كل إنسان يتحمل الجلوس بين فم التمساح، ولا اعتقد ان هناك إنسانا يقبل عملية الرشق بالحجارة، ولكن هذه ضريبة تحمل المسئولية. أتمنى من كل صاحب قلم وطني، أو منبر وطني غيور يحمل روحية الاعتدال ويتمنى الوصول الى حيث التوافق والتعايش والهدوء ان يبادر بإبداء رأيه إلى ما فيه خير وصلاح لهذا الوطن. إننا لا نعدم في هذا الوطن رجالا يقفون الموقف الصائب لتقريب وجهات النظر بين السلطة وجزء من المعارضة للوصول إلى توافق.
وجاء الوقت ليختطف المتوازنون المبادرة من جميع الأطراف للوصول الى حل توافقي. التشنجات لم تقطع ارضا ولم تبق ظهرا ولا يوجد هناك أغلى من الأمن والحرية. ونعمة الأمان لا تظاهيها نعمة. فيجب أن نكون دقيقين في كل شيء. على الأصوات المسئولة ان ترتفع بكل صراحة لتدعو إلى الحوار ولتتحمل رشق الحجارة وحتى الاتهامات مادام عملها لله ولأجل الناس ولأجل الوطن.
أنا لا أقول ان ما نعيشه أيام مصبوغة بالذهب، ولكن مازلت أقول ومنذ ثلاثة أعوام، منذ رجوعنا من المهجر دعونا نعمل من الداخل، حتى لا نكون خارج المعادلة، دعونا نمارس سياسة «خذ وطالب» فهي عملية موفقة لأن ما يحكم أي مجتمع هو توازناته السياسية والاجتماعية والثقافية لا النصوص، فقد تكون النصوص ذهبية ولكن بالامكان الاتفاف عليها بألف تفسير وتأويل.
أنا لا أقول لا توجد أخطاء في هذه المرحلة على العكس من ذلك هناك أخطاء ومارسنا دورا كبيرا في فضح التجاوزات وصور الفساد وتحركت مياه راكدة في ذلك لكنا آمنا ايضا بوجود مكتسبات وقلنا علينا مباركتها وتشجيعها وانصافها ومن ثم نطالب بالمزيد. وليس ما أطرحه من خطاب هو خطاب فرد أو فردين أبدا فهناك أصوات من قطاعات مختلفة ترفع الخطاب نفسه وتدعو الى التأني والدقة في تحريك خيوط اللعبة السياسية وهي آخذة في الصعود. لهذا أتمنى من الشخصيات الفاعلة ان تتحمل الاشاعات ورشق الحجارة ورفع اعواد المشانق في محاكمة النيات في سبيل الخروج من نفق مظلم نتمنى عدم دخوله.
إن هؤلاء أبناؤنا وهذا الوطن وطننا فليتصف الطرفان بالحوار الهادئ واعتقد ان الحل يكون بتقديم اصلاحات دستورية من داخل البرلمان لكي تشجع المعارضة بالدخول في اللعبة السياسية.
ما قام به العلماء يوم الأربعاء من لقاء تشاوري لتقريب وجهات النظر هو موقف يجب تشجيعه، فلا أحد يقبل برجوع الماضي فحتى الناس يرفضون الرجوع إلى الوراء، نعم يحملون تحفظات على وزارة هنا أو على أداء هناك ويأملون بتأهيل معيشي أكبر، لكن لا أحد مستعد للتفكير فضلا من الرجوع الى الماضي، فمهما كانت سلبيات اليوم الا ان ايجابياته أكثر من سلبياته ولكي نربح المرحلة يجب ان ندخل فيها فنكون لاعبين ونكسب لقواعدنا الشعبية مزيدا من التأهيل المعيشي سواء عبر الصحافة، أو البرلمان أو المجالس البلدية أو النقابات وهكذا. اعتقد انه يجب على العلماء والمثقفين والتجار ورجال الاعمال والنواب ان يسعوا جاهدين لتحمل مسئولية الموقف لتقريب الهوة. وهذه هي مسئولية الجميع، وليست مسئولية شخص أو شخصين أو خمسة، ولقد بح صوتنا من المناداة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 609 - الخميس 06 مايو 2004م الموافق 16 ربيع الاول 1425هـ