أكثر من مسئول رسمي وصَّفَ الجمعيات السياسية الأربع دون غيرها بأكثر من وصف، ورماها بأكثر من تهمة، وحمَّلها ما لا تحتمل، فمرة توصف الجمعيات بأنها «تنشغل ولا تشتغل» في السياسة، وأصبح هذا الشعار أشهر من نار على علم، ومرة توصف بأنها جمعيات «نفع عام» وأنها مخالفة للقانون، وعملها في السياسة غير قانوني، وإنما بسبب التساهل معها.
التصريح الذي ينسف القول إن الجمعيات غير سياسية، وعلى لسان المسئولين أنفسهم، هو دعوة المسئولين الجمعيات إلى المشاركة في انتخابات 2006، ما يؤكد أنها سياسية بامتياز، وإلا لم تدع للمشاركة في هذه الانتخابات، وهذا يكشف أن وراء جمود القانون، وضيق المسئولين بالتسامح في الأوقات الحرجة عنه في الأوقات الاعتيادية أهداف سياسية، سببها فعل الجمعيات السياسي، الذي لا يرضى عنه المسئولون، مع كونه عمليا سلميا مشروعا.
هناك إشكالية أخرى تتعلق بالدعوة إلى تغيير القوانين المقيدة للحريات أو تغيير الدستور أو بعض بنوده عبر الدخول إلى البرلمان، كآلية أخرى من آليات الضغط على الجمعيات المقاطعة، لكن تجربة السلطة التنفيذية مع البرلمان، وما آل إليه ملف التأمينات والتقاعد تحديدا، وتبعات الملف التي لم تعالج، ومنها هيمنة السلطة التنفيذية على الهيئتين، لا تعطي مؤشرا جديا للرغبة في دخول من هو متكيف مع الآليات الدستورية الحالية، فضلا عن كونها تجعل من تصريحات المسئولين عن التغيير من الداخل والدفاع عن هذه التجربة متناقضة، بالنظر إلى أسلوب التعاطي مع التجربة الحالية.
أخيرا: عدم موافقة السلطة التنفيذية على تعديل لائحة مجلس النواب الداخلية، مع كونها لا تملك حق إصدار لائحة داخلية لمجلس عليه مهمات محاسبتها ومراقبتها، يدل على أن الإشارات إلى التغييرات الدستورية من داخل المجلس أمر غير جدي بالنظر إلى القنوات الدستورية المؤثرة في التغييرات، إذ يعد المجلس النيابي الحلقة الأضعف فيها
العدد 608 - الأربعاء 05 مايو 2004م الموافق 15 ربيع الاول 1425هـ