دَرْبٌ نُفَاجئُهُ فيدهشنا بِبَهْجتِهِ
نُعِدُّ رُفَاتَهُ لِلَّيْلِ
لَمْ نَمْكُثْ سوى قَمَرَينِ في نِصْفِ الرِّوَايَةِ عَنْ مَآثِرِهِ
لَهُ حَجَرٌ يُضِيْءُ
لَهُ مَرَايَا لَمْ يُنَضِّدْها الذين تَسَلَّلُوْا من شَهْقَةِ التَّكوين
دَرْبٌ تَنْحَنِيْ الطُّرُقَاتُ تَحْتَ حَوَافِرِ الغَازِيْن
وهي تَهُشُّ نحوَ النَّبْعِ
مُنْعَطَفَ السَّبَايَا
في التفاتَتِها إلى النَّخْلِ المواربِ
لَمْ يَسِلْ مَاءٌ على جَنَبَاتِهِ
وَالرَّمْلَةُ البَيْضَاءُ سَاهِرَةٌ
تُذِيْبُ القَهْقَهَاتِ بِجَوْفِهَا، وَتُلاحِقُ اللَّغْوَ اليَتِيْمَ بِصَمْتِها الأَزَلِيّ
آثَرْنَا لَهُ صَمْتا
وَآثَرَنا كَلاما
في مَعَاطِفِنَا نَصَبْنَا خَيْمَة للوَجْدِ
لَمْ نَسْلُكْ إِلَيْهِ سِوَاهُ
دَرْبٌ للمقاماتِ البليغةِ في مَنَازلِنَا
أَلِفْنَاهَا
وَلَمْ تَشْعُرْ بنا
وَجِهَاتُهُ انكَسَرَتْ على وَتَرٍ بلا صَوْتٍ
وَلَوْنٍ دُوْنَ رَائِحَةٍ
وَبَحْرٍ مُجْدِبٍ مِنْ مَوْجِهِ
لَمْ يَبْقَ منهُ سوى مَلامِحِ مَنْ تَوَارَوْا
في سَمَاءٍ مِنْ قَرَنْفُلَةٍ
تُهَيِّءُ للذين سَيَعْبُرُوْنَ طَرِيْقَهُمْ
وَتُبَارِكُ الأَثَرَ الشَّحِيْحَ لِكُلِّ قَتْلانَا
لَهُمْ في النَّحْرِ هَوْدَجُ ما تَدَلَّى
وَاسْتَعَارُوْهُ من الغِمْدِ المُزَخْرَفِ
لَمْ يُبَقُّوْا مِنْهُ غيرَ سُلالَةٍ لِلْحِبْرِ
هَيَّأْنَا لَهُ نَعْشا
وَأَصْغَيْنَا إلى النَّاعِيْنَ
مَالَ بِهِمْ دَمٌ عَنْ وَقْتِنَا
مِلْنَا إلى نَقْشٍ حَفَرْنَاهُ على الجُدْرَانِ
صُغْنَا مِنْهُ بَوَّابَاتِ أَجْسَادٍ إلى دَرْبٍ
عَبَرْنَاهُ وَلَمْ يَشْعُرْ بنا
قُمْنَا
نَسَجْنَا مِنْ رَوَائِحِنَا لَهُ وَرَقا تُسَاقِطُهُ النَّخِيْلُ
فَلَمْ نَشُمَّ الحِبْرَ في أَقْصَاهُ إِلاَّ ذكرياتٍ
في الحَنَايا