سيادة القانون كانت مطلبا تاريخيا في نضال حركات الإصلاح والاحتجاج السياسي طوال القرن العشرين. واليوم مع بدء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك فقد تم تأسيس هذا المطلب قانونيا ودستوريا سواء في ميثاق العمل الوطني أو دستور مملكة البحرين الصادر في منتصف فبراير/ شباط 2002.
لكن إذا قمنا بنظرة فاحصة لواقع القانون في البلاد فإننا سنجد بونا شاسعا مقارنة بتطبيقه على أرض الواقع. فمازال بعض المواطنين بعيدين عن المحاسبة القانونية بسبب العلاقات الشخصية، ومازال البعض الآخر يعاني من عدم الحصول على الخدمات الحكومية بسبب عدم تطبيق المعايير التي جاءت في القانون أساسا، أو أحيانا الازدواجية في التطبيق لاعتبارات خاصة.
ثمة تلازمية وعلاقة مهمة بين زيادة حجم التحول الديمقراطي في المجتمع، وبين سيادة القانون. واستمرار حالة انعدام تطبيق القوانين لا تعكس إلا مزيدا من التراجع في عملية التحول نفسها، وهو ما سيؤدي إلى إفراز نتائج سلبية على المشروع الإصلاحي برمته.
لا أعتقد أن هناك سببا في تراجع سيادة القانون اليوم إلا في غياب ثقافة القانون التي تعد الرادع والوازع الشخصي لجميع الأفراد، والتي يمكن من خلالها تحقيق القانون وإعطاء الحقوق للجميع.
وأكبر مثال على غياب ثقافة القانون في المجتمع هو الحالة المؤسفة التي يشاهدها الجميع في أمر لا يحتاج إلى جهد في تطبيق قانون وإجراء شرعه القانون البحريني يتمثل في ارتداء حزام الأمان أثناء قيادة السيارات. فكم عدد الوزراء والنواب وأعضاء مجلس الشورى والقضاة والمحامين وأعضاء الجمعيات السياسية الذين يلبسون هذا الحزام، على رغم أنهم في طليعة المطالبين بسيادة القانون؟ لا أعتقد أن العدد يتجاوز أصابع اليدين!
أيضا يدخل ضمن هذه الفئة الغالبية العظمى من المواطنين التي أصبحت محبطة من عدم سيادة القانون، وأصبحت تناقض ذاتها. ففي الوقت الذي تطالب فيه بتطبيق القانون نجد عدم التزامها به، وحزام الأمان خير مثال. لذلك فإن مسألة ثقافة القانون يجب نشرها في المجتمع عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية قبل سن القوانين ومطالبة الأفراد بالمساهمة في صنع القرار
العدد 607 - الثلثاء 04 مايو 2004م الموافق 14 ربيع الاول 1425هـ