يحتدم نقاش حاليا بين الأوساط التجارية والمالية في الوقت الراهن بشأن التأثيرات السلبية وكذلك الإيجابية المتوقعة من توقيع اتفاق منطقة التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة الأميركية يحمل وجهتي نظر مختلفتين نظرا لعدم وجود صناعات كبيرة في المملكة تعتمد عليها - على الأقل واحدة - واشنطن إذ يرى بعض المسئولين في الحكومة أن الاتفاق يبشر بعهد جديد للبحرين خصوصا من ناحية فرص العمل الجديدة والتي تحدث البعض عن ذلك بقوله إنها ستخلق وظائف تصل إلى الآلاف في حين يرى البعض الآخر من عامة الشعب أن تأثير الاتفاق سيكون سلبيا أكثر منه إيجابيا وبدا ذلك واضحا من خلال رد مسئول في وزارة المالية والاقتصاد الوطني أن النقطة الرئيسية التي تعول عليها البحرين من جراء توقيع الاتفاق هو تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر خصوصا في مجال الخدمات المصرفية وأن مصانع الألبسة الجاهزة لن تستفيد من ذلك.
فإذا علمنا أن سبعة مصانع للألبسة الجاهزة قد أُغلقت في أقل من عام والتشاؤم من عدم قدرة المصانع الموجودة حاليا في منافسة مثيلاتها في الدول الأسيوية فنأسف لزف الخبر للعاملين في هذه المصانع وأكثرهم من النساء اللاتي لا يستطعن الحصول على فرص عمل في المشروعات الصناعية الأخرى بأن مصيرهن معلق وقد يجدن أنفسهن في يوم من الأيام في صف الباحثين عن وظائف.
وإذا كان الحال هكذا لماذا نسمح لهذه المصانع بأن تفتح أبوابها في المملكة وتضخ أموالا طائلة للاستثمار فيها ونحن نعلم أنها لن تستطيع أن تجاري المصانع الأخرى وخصوصا في الدول الأسيوية بسبب رخص العمالة لديها؟.
نقاش تأثير منطقة التجارة يأتي في المسار الصحيح الذي تسير عليه البحرين في مواكبة التطورات المالية والاقتصادية العالمية وهناك أشخاص يمكن أن يقدموا خدماتهم في هذا الشأن ومن الواجب أن تطلع البحرين على آرائهم قبل فوات الأوان.
قد نتفق مع وزارة المالية أن المجال الوحيد الذي ستستفيد منه البحرين من توقيع الاتفاق هو الاستثمار الأجنبي من خلال إقامة مصارف أو فروع جديدة في المملكة ولكن هذا المجال أيضا قد تشبع بما فيه الكفاية ولدينا مصرفان على الأقل يعانيان من أزمات مالية خانقة معظمه بسبب التعامل في السوق الأميركي!.
وماذا عن بقية الصناعات الصغيرة الأخرى التي قد تكون عرضة للتأثر من فتح السوق البحريني الصغير أمام المنتجات الأميركية ألأكثر تطورا وهل سنرى مزيدا من إغلاق مصانع وتسريح موظفين بسبب ذلك؟.
قد تكون هناك دول وأكثرها أسيوية - يمكن للبحرين أن تستفيد منها بفعل إقامة منطقة تجارة حرة معها أفضل من واشنطن خصوصا الدول التي نقوم الآن بتصدير منتجاتنا إليها مثل النفط المكرر والألمنيوم والبتروكيماويات ونستورد كل ما نحتاجه منها ما عدا أسلحة الدمار سواء الدفاعية أو الهجومية والتي نتمنى ألا نكون في حاجة إليها في يوم ما
العدد 607 - الثلثاء 04 مايو 2004م الموافق 14 ربيع الاول 1425هـ