للأمانة سمعت أن في بلادنا جمعية لحماية المستهلكين لكني لم أصدق هذا الكلام لأني لم أجد ما يثبت أن لهذه الجمعية دورا فعالا أو ملموسا على أرض الواقع. سمعت أن بعض المسئولين وقفوا بحزم خلال المرحلة السابقة في وجه اقامة أية جمعية لحماية المستهلك خوفا على التجار من ظهور خصم لهم يهدد مصالحهم يوعّي المستهلكين لما يجري ضدهم ويوجههم نحو الصواب، وساعتها تحمست لهم وقلت بلادنا فعلا بحاجة إلى جمعية نشطة من هذا النوع، وأن الرأسمالية البحرينية يخيفها من يقوم بهذا الدور الإيجابي لحماية هذا الإنسان الذي لم يرحمه تجاره المحليون ولا المصدرون الأجانب. من هنا كان خوف الجهات المسئولة من السماح بإقامة جمعية لحماية المستهلك. وأظن أنه بعد عملية الانفتاح لم تقف وزارة العمل في وجه قيام أية مجموعة ترغب في تشكيل جمعية لها سواء كانت خصما للرأسمالية البحرينية أو خصما للاشتراكية الدولية، ولهذا فإني أجزم بأن جمعية حماية المستهلك قد أشهرت فعلا وإن كان المواطن لا يرى لها وجودا.
في أوروبا جمعية حماية المستهلك تلعب دورا بارزا ليس في تحجيم اطماع شركات التغذية فحسب بل لها دور كبير في توعية المواطن، ولأن الوعي في أوروبا كما هو معروف أكبر بكثير من وعي المستهلك العربي وبوجه خاص المستهلك الخليجي، فهذه الجمعيات تحقق نجاحا كبيرا في حربها ضد استغلال الشركات للمواطنين، فما أن تحس أن إحدى الشركات رفعت أسعار بعض منتجاتها الغذائية حتى تصدر بيانا عن البدائل التي لا تقل جودة وطعما ومواد مفيدة للجسم من سابقتها، فتتوجه المرأة إلى شراء البديل الذي وجهتها إليها جمعياتها، ما يفرض على الشركات التي تستغل سمعتها في رفع أسعارها إلى العودة إلى السعر السابق وأقل. إنما في دول الخليج وبالذات في بلادنا فإن جمعية حماية المستهلك ليس لها دور، ولا تقوم بتوعية المرأة البحرينية بشراء البديل. ومعظم البحرينيات يواصلن إصرارهن على شراء المنتج الذي ربما تضاعف سعره على اعتباره (أصلي)، علما بأن مكونات منتج الشركات الأخرى الأخفض سعرا هي نفسها.
لقد ارتفع الحليب المجفف لإحدى الماركات والتاجر يستغل ضعف دور حماية المستهلك وإصرار الزوجة البحرينية على عدم شراء نوع آخر علما بأن دول الخليج صارت تنتج حليبا مجففا بسعر يكاد يصل إلى نصف سعر الماركة المشهورة، ويحاول الأزواج إقناعهن بأنه أفضل من الآخر وطعمها واحد ولكن (هات تقتنع هذه الزوجات) ومن هنا يأتي استغلال الوكيل للمستهلك البحريني، ولهذا لم يعد أمامي سوى القول إن وراء خراب آلاف البيوت هي المرأة، ومن هنا أرى ضرورة سحب رخصة مؤسسي الجمعية الحالية
العدد 606 - الإثنين 03 مايو 2004م الموافق 13 ربيع الاول 1425هـ