الحديث خلال الأيام الثلاثة الماضية مع مختلف الأطراف تناول بصورة أساسية اعتقال مجموعة من المواطنين الذين أقاموا مراكز لتوقيع العريضة الشعبية. ومن ضمن ما طرح هو ما إذا كانت هناك محاولات جادة لتقريب وجهات النظر ومنع تدهور العلاقات إلى المستوى الذي نشهده حاليّا.
نحن في صحيفة «الوسط» كنا نستشعر خطورة الأمر منذ أشهر مضت، وبادرنا حينها إلى دعوة رؤساء الجمعيات السياسية وعدد من النواب وأعضاء مجلس الشورى ورجال الأعمال والمستقلين إلى جلسة حوارية في جزر حوار. غير أن استشهاد الشيخ أحمد ياسين أجَّل مشروع الجلسة إلى 10 ابريل / نيسان الماضي إذ اجتمعنا في فندق الخليج، ثم اجتمعنا مرة أخرى في 17 ابريل في الفندق ذاته، وكان الحضور نوعيّا، إذ شمل كلا من: جمعية ميثاق العمل الوطني، وجمعية الوسط العربي الإسلامي، وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وجمعية العمل الوطني، وجمعية المنبر الوطني الإسلامي، وجمعية الأصالة، وجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، بالإضافة إلى عدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب ورجال الأعمال والمستقلين.
في الاجتماع الأول كان الحديث واضحا وبدأت الجلسة بالقول: «الساحة مقبلة على نوع من الاصطدام، ما يزيد من الحاجة إلى حديث الأطياف كافة مع بعضها بعضا»، وعقَّب الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة بالقول: «إن اجتماعنا اليوم ليس من أجل ساعة وينفض، وإنما هناك هدف يجب بلوغه، لابد من اتفاق على تصور معين... المهمة واجبة والأمر جدّ وليس هزلا». رئيس مجلس إدارة «الوسط» فاروق المؤيد قال: «تتوجه الأنظار إلى موضوع العريضة والاختلاف بين الجمعيات والحكومة، الذي يتجه إلى نوع من التصادم ويؤثر على الإصلاح مستقبلا إن لم يحل وديا».
رئيس جمعية المنبر التقدمي حسن مدن أشار إلى أننا «أمام وضع محدد والأمور لا تدار بطريقة صحية من الجهات كافة». المفكر علي فخرو قال: «يجب التفاهم بشأن طريقة ممارسة الحياة السياسية من قبل الحكومة والمجتمع المدني، ولابد من معرفة الخلل في تنفيذ القوى السياسية للممارسة السياسية». رئيس جمعية المنبر الإسلامي صلاح علي قال: «نحن مختلفون في الجوانب السياسية والقانونية، والقانون له تفسيرات مختلفة، والوضع السياسي في احتقان وآخذ في الاستياء ولاسيما بين المعارضة والحكومة، وكلما ازداد لحق الضرر بالجميع... لن يكون الضرر على المعارضة فقط، لابد أن نتفاهم على كيف يمكن أن نتعاون جميعا لإزالة هذا الاحتقان؟».
رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان قال: «من الأهمية الحديث عن السلم الأهلي، ونحن نتحاور مع الأطراف المختلفة للوصول إلى رؤى تقرب وجهات النظر... المجال الاقتصادي ليس مجال تنازع والمعارضة لا تريد أن توقف أي برنامج اقتصادي»، عضو جمعية الأصالة النائب حمد المهندي قال: «لابد من تحديد المشكلات التي تسبب الاصطدام أو التصعيد، ويجب أن نجلس لمناقشة الأمور القانونية في قضية الدستور والميثاق الوطني وغيرهما، ونناقش مبادئ ممارسة الحياة السياسية وألا تكتفي الجمعيات المقاطعة برأيها بل يجب أن تناقشه مع الجميع». رئيس جمعية ميثاق العمل الوطني عبدالرحمن جمشير قال: «هناك فهم بأن مقاطعي الانتخابات غير موالين للحكومة والمشاركين موالون وهو فهم خاطئ... فالجميع موالون للوطن، ويجب أن نتمسك بالانجازات التي حصلنا عليها».
المشاركون الآخرون أضافوا الكثير من الأفكار التي كانت تتوجه من أجل حلحلة الأوضاع باتجاه إيجابي للجميع، يخرج الجميع منه منتصرين، لا وجود لمنهزم أو متنازل، وإنما السيادة للتعاون فيما بيننا جميعا وفي «إصلاح ذات البين»... إصلاح علاقات القوى الأهلية مع بعضها بعضا وإصلاح العلاقات بين القوى الأهلية والجهات الرسمية.
عقدنا الجلسة الثانية في 17 ابريل وتناولنا الحديث ذاته وتطور باتجاه إيجابي وطالب الجميع بعقد جلسة ثالثة... ولكن السؤال يبقى بشأن سرعة وفاعلية مثل هذا الحوار الوطني في الوقت الذي تداهمنا فيه الحوادث الأخرى، وهو ما كنت ذكرته في الجلستين. على أية حال... فإن «الصلاة تؤدى قضاء إذا لم تؤدّ في وقتها» وعلى الذين يسعون إلى إصلاح ذات البين أن يواصلوا مسيرتهم... ففي ذلك خير لهم ولغيرهم
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 606 - الإثنين 03 مايو 2004م الموافق 13 ربيع الاول 1425هـ