العدد 605 - الأحد 02 مايو 2004م الموافق 12 ربيع الاول 1425هـ

حرية الصحافة بين الطغيان والاحتلال

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

تدعي الولايات المتحدة الأميركية زورا وبهتانا بتلقيننا نحن العرب والمسلمين أبجديات الحرية والديمقراطية والنظام والقانون، ويكذب ذلك ما قامت وتقوم به في أفغانستان والعراق من مجازر وتنكيل ودموية، أخيرها وليس آخرها، ما تم عرضه على القنوات الفضائية من قيام جنودها بالتفنن في تعذيب المعتقلين العراقيين، وبأساليب لا تختلف عما قام به النظام العراقي السابق.

ولكن الفرق المحوري بين الاثنين (النظام السابق وأنظمة القوات المحتلة) أن الأخيرة تمتلك في دولها أدوات رقابية وحريات إعلامية لها حماية دستورية وقانونية لا تستطيع الأنظمة اختراقها، والاّ لم نك لنرى تلك الدموية المصورة على شاشات التلفزة الغربية، والسؤال في هذا الشأن - وبمناسبة يوم الصحافة العالمي - هل ستجد هذه الممارسات غير الإنسانية لها مكانا للنشر لو جرت في بلاد عربية أو إسلامية؟!

السؤال السابق، هو المحصلة التي خرجت بها من إجابات بعض الغلاة من أجيال الخمسينات والستينات والسبعينات، فما هو ردهم على ما قامت وتقوم به الأنظمة الدكتاتورية العربية من تقتيل وتنكيل بالشعوب؟ طبعا التاريخ لا يكذب، وهو شاهد على جرائم شنيعة مورست وتمارس بأبشع الأساليب وأقذرها ضد الشعوب العربية، فالشماتة من قبل هؤلاء بالأميركان لا تصح ولا مسوغ لقبولها.

طبعا التلكؤ في الإجابة والتلعثم في استدعاء الشواهد على نظافة جيب الزعيم الفلاني، وليست يده من دماء علماء، وإقصاء مفكرين، وسجن صحافيين، وعلى وطنية وتقدمية نظام آخر وبراءته من جرائم الإبادة وحصد قرى بكاملها، وهدم صوامع على رؤوس مريديها، ومقابر بالجملة، وتهجير طوائف وعرقيات بكاملها، وتنقية صحيفة نظام آخر من تلويث مياه الشرب لسكان مدن وقرى، وقيام نظام آخر بسحب جنسيات مواطني بلده، وقيام نظام آخر بالتنسيق مع «الموساد» لحماية شخصيات مهمة في تلك الأنظمة، والتنسيق والتعاون مع «السي آي ايه» ضد مواطني تلك الدولة في الخارج كما الداخل... وغيرها الكثير من العمليات القذرة التي يندى لها الجبين، كل ذلك لا يحرك ساكنا لدى هؤلاء، بل ويعتبرونهم من المغفور لهم - لاحقا - ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر، ذلك فقط لأنهم عرب أو مسلمون!

إن أهلنا في العراق يعانون من الاحتلال، وهو ليس أخف وطأة من حكم النظام السابق، ولا يوجد هناك فرق كبير بين الطغيان الوطني السابق والاحتلال الأجنبي الراهن، بل ثمة تشابه كبير بين الطغيان والاحتلال، وذلك في حصد الأرواح والتعذيب وامتهان الكرامة الإنسانية، ونهب الخيرات واستغلالها.

وأهلنا في مدينة المساجد (الفلوجة) ومدينة الصدر والموصل وكربلاء وكركوك والنجف... ليسوا في حاجة إلى من يزايد على معاناتهم، فقليلا من الرأفة بحالهم؛ وإلا فإنهم لا يختلفون كثيرا عن بقية الشعوب العربية التي تعاني أيضا من التسلط والدكتاتورية والسياسات الإقصائية والاستسلامية للأميركان وحلفائهم. ويصح هنا القول والتباهي من جانب الشعوب الغربية على الشعوب العربية بأن لها قنوات تعبر فيها عن رأيها ضد حكوماتها القائمة والحكومات السابقة، وليس كما هو الحال في الأنظمة العربية والإسلامية التي تدعي وصلا بالديمقراطية والحريات، ولكن في نطاق القانون، فما هو هذا القانون؟ بكل بساطة هو: أن تعبر عما تريده السلطات، وتزمر ضمن جوقة المطبلين والمتصيّدين في المياه العكرة والأفاكين والغشاشين والمتسلقين والنفعيين، وباختصار: مسموح بكل شيء في ظل هذا القانون إلا انتقاد أرباب السلطات والنفوذ، فنعم الديمقراطية ونعم الحرية! وكل عام وحرية الصحافة العربية بألف خير وفوق ألف خيلٍ كسيح

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 605 - الأحد 02 مايو 2004م الموافق 12 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً