قبل قرن كامل، وتحديدا في العام 1904م طالب قاضي قضاة البحرين الشيخ قاسم بن مهزع رحمه الله بعدم تدخل الانجليز في القضاء المحلي، وهو ما كلفه منعه ممارسة أي نشاط سياسي. وقد كان لهذه الحادثة المهمة أثر عظيم في تاريخ القضاء البحريني، إذ تمكن الاستعمار الانجليزي في 4 مارس/ آذار 1905م من حرمان قضاة البحرين من الفصل في قضايا الأجانب في البلاد ولمدة نصف قرن تالية.
وفي مارس 2004م شهد القضاء نقلة بعزل مجموعة من قضاة الشرع لأسباب عدة، وما بين هاتين الحادثتين تطور القضاء من حيث زيادة حجم القضاة والمحاكم التي أنشئت لأول مرة العام 1926، وتم استحداث قوانين وتشريعات جديدة بعد أن كان القضاء البحريني يعتمد على القانون الجنائي الهندي، وأحيانا قانون العقوبات السوداني.
ولكن القضية الأهم هي أنه على رغم هذه التطورات الهائلة فإن القضاء البحريني لم يشهد تطورا من حيث سرعة البت في الإجراءات والنظر في القضايا وإصدار الأحكام وتنفيذها.
بين يديّ قضية وأمر جنائي من أحد قضاة المحكمة الصغرى لأحد المواطنين، أعتقد أن سردها سيؤكد عدم تطور القضاء في هذا المجال. فقد ارتكب هذا المواطن يوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 مخالفة مرورية بتجاوز السرعة المقررة للشارع، ولم تتم مخاطبته من قبل إدارة المرور بشأن المخالفة، ولكنه قام بنفسه وسدّد قيمة المخالفة المرورية خلال صيف العام 2003، ووقع محضر المخالفة الذي سيتم إحالته إلى النيابة العامة بانتظار تسلم حكم المحكمة. ومضت شهور ونسي المواطن قضية المخالفة، ولكنه فوجئ يوم 5 أبريل/ نيسان 2004 بتسلمه أمرا جنائيا من المحكمة لتسديد قيمة الغرامة وهي عشرة دنانير فقط، واستغرب المواطن من طول المدة، فقد صدر أمر القاضي يوم 22 ديسمبر/ كانون الاول 2003، أي قبل أربعة أشهر من تسلمه.
والسؤال الموجه إلى السلطات الثلاث: إذا كانت قضية مخالفة مرورية غرامتها بضعة دنانير تستغرق عاما وأربعة شهور، فما هو الحال بالنسبة إلى قضايا السرقات والطلاق والميراث وغيرها؟ وأين إصلاح القضاء البحريني الذي دافع عنه ابن مهزع قبل قرن؟
العدد 604 - السبت 01 مايو 2004م الموافق 11 ربيع الاول 1425هـ