ترغب الإدارة الأميركية بأن يقدم حلف شمال الأطلسي (ناتو) مساهمة عسكرية في العراق لتحقيق الاستقرار في هذا البلد لكنها لا تتوقع أن ترسل ألمانيا وفرنسا جنودا إليه. هذا ما صرح به وزير الخارجية الأميركي كولين باول لصحيفة «فرانكفورتر ألجماينه» خلال مشاركته في مؤتمر برلين المناهض لمعاداة السامية.
وأشار باول إلى وجود فرصة كبيرة لحلف شمال الأطلسي في العراق وهو الأمر الذي لا يعترض عليه أحد من الحلفاء في المعسكر الغربي. وقال المسئول الأميركي إنه لا يتصور أن يشارك الناتو بقوة كبيرة لكنه أكد أن مجرد مشاركة الحلف العسكري الغربي بوحدة فإن هذا سيكون إشارة سياسية توضح أن الحلف قادر على التصرف. وكان باول واضحا في الكشف عن رغبة بلاده بأن تجري زيادة عدد الجنود في مهمة العراق.
تتوقع إدارة بوش بعد تسليمها السلطة للعراقيين أن تعترف الدول التي عارضت الحرب مثل ألمانيا وفرنسا بالحكومة العراقية الجديدة والمشاركة في عملية إعادة الإعمار وتقديم مساهمات مالية كما لن يعارض أحد رغبة أي من هذه الدول تقديم مساهمة عسكرية إذا رغبت بذلك.
تجنب وزير الخارجية الأميركي استخدام نبرة حادة عند ذكر اسم ألمانيا وفرنسا لكنه أشاد بصورة خاصة بالدعم الذي يقدمه رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير للولايات المتحدة. قال باول «إن أبرز شرط أساسي هو أن تحصل الحكومة العراقية الجديدة على أكبر نفوذ ممكن أن يتوافر لها»، وقال أيضا «ان نفوذها مهما بلغ سيكون مقيدا». وستبت الجهات العليا بالقضايا العسكرية والمالية وهكذا ستتبع القوات الدولية في المستبقل أوامر قيادة عسكرية أميركية. وأعرب باول عن أمله بأن تحصل الحكومة العراقية الانتقالية الجديدة بعد تاريخ 30 يونيو/ حزيران على اعتراف من العراقيين أنفسهم وأن ينظروا إليها كحكومة شرعية وسوف لن يروا الحاكم المدني بول بريمر بعد ذلك الوقت وإنما المسئولين السياسيين من أبناء شعبهم.
قال باول إن السفير الأميركي الذي عينه الرئيس جورج بوش ممثلا للولايات المتحدة في بغداد سيكون له دور مهم لكن على مستوى سفير فقط. ورفض باول رأي فرنسا بأن منح السيادة للعراقيين يحل مشكلات العراق، وقال إنه على ثقة أن هذه الخطوة لن تدفع مثيري الشغب إلى التوقف عن نشاطاتهم المخلة بالأمن وقال: قد تحل بعض المشكلات ولكن ليس جميعها بضربة حجر واحدة.
أكد باول خلال المقابلة أن بلاده كانت طوال الوقت تفكر بدور للأمم المتحدة، كما رفض باول تهمة استخدام الجنود الأميركيين سياسة قبضة الفولاذ في التعامل مع الاضطرابات في الفلوجة. وقال: لقد اتبعنا الحذر الشديد ولكن ما من شك أننا نسعى لهدفنا بفرض الأمن في الفلوجة. وأوضح أن الصور «التي التقطت للمعارك في الفلوجة ستصبح قريبا في حضن الماضي». وقال إن «الناخبين في الولايات المتحدة ما زالوا بغالبيتهم يؤيدون السياسة التي يتبعها الرئيس بوش في العراق».
أعرب باول عن استغرابه حيال ردود الفعل الدولية العنيفة التي وجهت للرئيس بوش بسبب تحيزه لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون بشأن الانسحاب من غزة. وقال وزير الخارجية الأميركي «إن شارون يفعل الآن ما طلب دائما أن يفعله وهو التخلي عن المستوطنات في غزة». وقال باول «إن عملية السلام لم تتعرض إلى نكسة وإن بوش يريد ضم خطة شارون لخريطة الطريق». ونفى باول أن يكون تم الاتفاق في واشنطن على تصفية كوادر فلسطينية، وقال إنه كما في السابق فإن الأمر متروك لطرفي النزاع التوصل إلى حل بشأن اتفاق نهائي ووضع اتفاق وقف إطلاق النار. كما ينبغي أخذ الحقائق السياسية في الاعتبار، وأضاف باول: إن البديل لحالة الجمود الحالية هو العمل بديناميكية جديدة.
ردا على سؤال عن الكلمة التي ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي في العام 2003 بشأن أسلحة الدمار الشامل في العراق قال باول إنه لم يعرض قصة خيالية وأن ما ذكره في كلمته في ذلك اليوم كان أبرز ما تم التوصل إليه من استنتاجات أجهزة الاستخبارات الأميركية وكانت مطابقة تماما لاستنتاجات أجهزة استخبارات دول أخرى وكذلك بناء على معلومات جمعتها إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون في العام 1998 حين فكرت بشن حملة عسكرية على العراق». وقال وزير الخارجية الأميركي في ختام المقابلة: صحيح أننا لم نعثر على أسلحة الدمار الشامل ولكن لم نحصل على دليل بأن صدام حسين لم يكن يفكر بالتراجع عن فكرة الحصول على هذه الأسلحة واستخدامها. وأكد باول انه لا يجد ان ظهوره في مجلس الأمن بهذا القدر من المعلومات غير الصحيحة سبب له الحرج
العدد 604 - السبت 01 مايو 2004م الموافق 11 ربيع الاول 1425هـ