أبدت أوساط قانونية خشيتها من ضبابية العمل بالنسبة لغرفة البحرين لتسوية المنازعات (BCDR-AAA)التي دشنت في يناير/ كانون الثاني الماضي بهدف تعزيز مكانة البحرين كمركز مالي واقتصادي رائد في المنطقة، على رغم تأكيدات وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن الغرفة أسست وفق المعايير الدولية، وأنها تتميز بكونها الأولى من نوعها التي تؤسس منطقة حرة للوساطة والتحكيم وتقدم مفهوم الوساطة والتحكيم المقننين، كما أنها تتبنى مفهوم الاختصاص بالتحكيم بمقتضى القانون للمنازعات المالية والتجارية، وأن البحرين تسعى من خلالها إلى تزويد المنطقة بآخر وأرقى الحلول في ميدان التحكيم والوساطة، بالشراكة مع جمعية التحكيم الأميركية (AAA)، لضمان توفير أعلى المعايير وأفضل التطبيقات العالمية. يشار إلى أن غرفة تسوية المنازعات تأسست بموجب قانون يتحدث عن تسوية المنازعات بالوسائل البديلة، وتم تعيين الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئيسة لمجلس أمناء الغرفة، وتختص بالفصل في المنازعات التي ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم البحرين أو لأية هيئة ذات اختصاص قضائي في الأصل متى ما زادت قيمة المطالبة على 500 ألف دينار بحريني، ويشمل ذلك المنازعات التي تنشأ بين المؤسسات المالية المرخص لها بموجب قانون مصرف البحرين المركزي أو المؤسسات الدولية.
وتحدثت «الوسط» إلى محاميتين بحرينيتين هما عضو مجلس إدارة جمعية المحامين شهزلان خميس والمحامية سناء بوحمود اللتين قالتا: «إن الغرفة الجديدة بحاجة لإيضاح من حيث آلية العمل والتعريف بمفصليات سير القضايا فيها»، مشيرتين إلى وجود مطاطية كثيرة في المصطلحات والتعريفات المعمول بها في الغرفة، التي تم الإعلان عنها في مؤتمر التدشين الصحافي.
من جانب آخر، قالتا: «إن آليات تعين قضاة المحاكم المحلية بحاجة لمراجعة وإعادة نظر، مع الأخذ بعين الاعتبار عنصر الخبرة والكفاءة». وفيما يأتي نص الحوار:
ما هي وجهة النظر المطروحة بشأن غرفة تسوية المنازعات؟
- خميس: السؤال الذي يطرح نفسه هو مدى وجود ضمان الحيادية في المحكمين الثلاثة (الذين ينظرون في القضايا المعروضة عليهم) مثلا، فالقضاء الاعتيادي تتوافر فيه أمور تقليدية ضمن أدبيات القضاء تعرف أطراف القضية بآليات الطعن وغيرها من الأمور، وهي ما قد لا تتوافر في الغرفة. بالإضافة إلى الكثير من الأمور ذات الاختصاص التي قد لا يتفهما الرأي العام العادي عدا الاختصاصيين.
كمحاميات ومحامين، ماذا تحتاج إليه الغرفة؟
- نحن بحاجة إلى أمور أوضح بشأن غرفة تسوية المنازعات، وهي تعتبر أمرا مفصليا في الكثير من القضايا، ونحن كمحامين مجبورون على التعامل مع الغرفة نظرا لإقرار القانون وتفعيل الغرفة.
وهل ورد موقف رسمي من قبل جمعية المحامين بشأنها؟
- خميس: لم يصدر أي موقف رسمي تجاه الغرفة حاليا، لكن الجميع يرى أنه من الضروري الرد على التساؤلات المطروحة بشأن الغرفة. ونأمل أن يثبت المستقبل الأمر الإيجابي بشأنها.
ما هي المؤاخذات على تأسيس غرفة تسوية المنازعات؟
- بوحمود: يؤخذ عليها أن قانون الغرفة غير واضح ولا يجيب على كثير من التساؤلات المطروحة، مثلا طرح أن هناك قاضيا ثالثا من الممكن أن تختاره الأطراف؛ هل سيخضع للمجلس الأعلى وكيف سيتم التعاطي معه وضمن أية إجراءات، كما أن الغرفة تسمح بترافع المحاميين الأجانب كمثال. فمسألة فتح المجال على مصراعيه للمكاتب الأجنبية تضع العديد من علامات الاستفهامات. علما بأن غالبية الدول ومنها دول الخليج لا تسمح بترافع الأجنبي في محاكمها.
هل الغرفة أزالت بعضا من الإشكاليات المطروحة على القضاء والقوانين المعمول بها؟
- خميس: يجب إصلاح القضاء أولا قبل فتح الأبواب في التطوير بهذه الصورة، حتى لو كان بهدف توفير الخدمات القانونية الرئيسية لجذب أنظار العالم وتقوية الاستثمار. فالسلطة التنفيذية سيطرت على السلطة القضائية كثيرا، فلو كان القضاء مستقلا ماليا وإدارية وبشكل أكثر نقاحة، لكان سيساهم في تأسيس القضاء بصورة بحرينية وتطوير نفسه.
هناك أنباء عن تعيينات قضائية نسوية جديدة، ما صحة ذلك؟
- بوحمود، خميس: يجري الآن تعيين 3 قاضيات جديدات في المحاكم.
وهل آليات التعيين متوافقون، أنتم كمحامين وقانونيين، عليها؟
- بوحمود: آلية تعيين القضاة بحاجة إلى إعادة نظر والتأني فيها كثيرا، وخصوصا أنها تحمل مسئولية وتمتلك مصير أفراد ومصالح وأسر وأمور أكثر جدية، وكنت أتمنى أن يعطى لمجلس القضاء الأعلى دور أكبر في كيفية اختيار القضاة وتعيينهم وخاصة أن نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ خليفة بن راشد آل خليفة الذي امتهن القضاء لفترة طويلة ومازال للآن يستطيع أن يدرك أين تكمن مصلحة القضاء، وكيف يمكن تطويره وخاصة أن قانون السلطة القضائية قد قيد كثيرا مسألة ترتيب أوضاع القضاء.
ما هو موقفكم مع معهد القضاء؟
- خميس: معهد القضاء يجب أن يكون مستقلا، ومن غير الصحيح أن يكون تابعا لوزارة العدل والشئون الإسلامية. فبهذه الصورة لا يمكن تطوير نفسه ومضمونه.
هناك الكثير من القضايا التي تنحاز فيها الحكومة في طرفة عين، وهو ما أثار شبهات بشأن شفافية وعدالة القضاء، ما تعليقكم؟
- بوحمود وخميس: الكثير من الأمور في القضاء بحاجة إلى شفافية. وعدم وجودها يورد الكثير من علامات الاستفهام على عملية الإقصاء، فطالما نحن نتحدث عن أننا دول قانونية ولدينا الحق في معاقبة أو مكافأة فرد؛ عاديا كان أم مسئولا، يجب أن تطرح الأمور بصورة مجردة وغير معتمدة على وجهات النظر السياسية والفكرية أو غيرها. وبالتالي يجب أن يكون هناك نوع من الشجاعة الأدبية، وإذا كنا نتحدث عن مصلحة البلد فعلا ونلوح بها في كل مسألة تمس الوضع العام ونريد دفنها فتلك معضلة فعلا، يجب أن تطرح الأمور بشكل أوضح، فالجميع سيشارك بالتالي في المكافأة أو العقاب.
هل تتأخر القضايا كثيرا حاليا في المحاكم؟
- خميس: هناك قضايا يتم الانتهاء منها خلال 3 أشهر فقط ولا يتم التأخر فيها كثيرا، وأخرى تحتاج إلى عامين أحيانا، لأن الأمور تعتمد على توافر الإثباتات والأوراق اللازمة لسير العملية.
وما هي طريقة التعامل مع القاضي الذي رصدت عليه وارتكب مخالفات؟
- خميس: نحن لا توجد لدينا إقالة للقضاة، ولا توجد آلية واضحة في قانون السلطة القضائية للعقاب والثواب، ويقتصر الأمر حاليا على اللوم أو العزل؛ يعني التنحية فقط.
هل مكانة المحامين البحرينيين في صعود أم نزول؟
- بوحمود وخميس: هي في تراجع، وللمحامين دور كبير في ذلك، لأن الجمعية ابتعدت في الوقت الراهن الذي يبحث الجميع فيه عن عمل وفائدة شخصية فقط، في حين يجب أن يكون العمل في هذا المجال جماعيا ويتعلق بمصلحة المحامين كمجموع.
ماذا تعني لكم جمعية الحقوقيين كونكم أعضاء في جمعية المحامين البحرينية.
- بوحمود: جمعية الحقوقيين لا تمثل أي تحدٍ، وبدأت تتراجع، وخصوصا أنها جاءت كمحاولة لمنافسة جمعية المحامين في جوانب محددة، ولكنها لا تشكل تحديا من الناحية المهنية.
- خميس: جمعية الحقوقيين ظهرت في فترة معينة على الساحة لظروف نعرفها جيدا، نسمع عن اسمها في هذا الأمر أو ذاك.
هل تدخل الجمعيات الاختصاصية في تعيينات القضاة؟
- بوحمود: لابد من استشارة المهنيين المختصين في آليات تعين القضاء واختيارهم وتقييمهم، وخصوصا أنهم أكثر إنصافا نظرا لوجودهم في منتصف المعترك القضائي.
ما صحة وجود محامين مخالفين للقانون ويراوغون عليه؟
- بوحمود: هناك تجاوزات من محامين لكن بنسبة ضئيلة جدا ولا يشكلون عبئا على العمل المحاماتي.
- خميس: هناك نسبة من هؤلاء المحامين، لكن ليسوا كثيرين مقارنة بالمحاميين الآخرين. فلو كنا ضمن نقابة فعالة في وضع عام مساعد لكان من الإمكان إصلاح ذلك. فحتى لو حاولنا خلال هذه الفترة طرح فكرة عكس التيار لاصطدم الكثير معنا.
هناك جهات نافذة محليا تعمل على تمزيق البحرين فئويا، و «المحامين» من الجهات التي كانت تعمل على التلاحم الوطني، فأين دورها؟
- بوحمود: لا أحد يعرف لماذا يحدث مثل هذا الشيء، فنحن نمشي في نفق لا نعرف آخره، وبالتالي تنعدم الثقة لدى البعض، ونحن سنتجه إلى أمور أسوأ مستقبلا إذا لم يلتفت الجميع، لأن المجتمع البحريني معروف عنه تاريخيا التسامح وأنه متجانس ومتداخل في كل شيء، والآن نرى توجهات تسعى نحو التمزق على مستويات طائفية وقومية وفئوية كثيرة.
- خميس: نحن مع الأسف الشديد نرى أن ذلك بدا ينعكس حتى على المناطق السكنية التي كانت منسجمة كثيرا ونسيجها نسيج واحد تشعر فيها بالأمان والطمأنينة، وأصبح الوضع الآن أكثر من مخيف حيث التوتر يلازم الوضع العام. ومن الصعب حاليا إعادة الهيكلية في ظل كثافة الضخ التراكمي لمثل هذه الأفكار والأفعال، ولاسيما أن الأجواء الحالية بدت تسخر لهذه الأغراض وأصبح مسموحا بنشر النفس الطائفي الكريه من دون أساس. اللعبة السياسية بحاجة لإدارة بشكل أوعى وأذكى من الجميع من دون استثناء، فالبرلمان لابد من الاستفادة منه وتحريك الكثير من الملفات المهمة التي تشكل همّا مجتمعيا، وطرحها فيه من خلال هذه المساحة الصغيرة. علما بأن الجمعيات السياسية لم تعرف حتى الآن كيفية الاستفادة من القضاء، فبإمكانها استخدام القضاء لأن النتائج أسلم وأوضح ومن دون خسائر لا معنى لها
العدد 2767 - السبت 03 أبريل 2010م الموافق 18 ربيع الثاني 1431هـ
المحامي الشيخ عبد الهادي خمدن
أنا عندي اشكال قانوني اذا كانت الغرفة ستسحب الاخاصاص من المحاكم القائمة للعقود التي سبقت على انشاء الغرفة و لذا ارى يجب ان يكون اللجوء الى الغرفة للفصل في النزاع اختياريا و ليس اجباريا و الا ربما تتعرض احكامها الى الطعن اما المحاكم الاخرى و امام التميزز و الدستورية