دأبت الإدارة النسوية بجمعية التوعية الإسلامية على عقد مؤتمر يحتضن مجموعة من فتيات البحرين منذ ثلاث سنوات، هذا العام كانت فكرة المؤتمر منطلقة من الاعتزاز والثبات على الهوية، المؤتمر ينطلق من منطلقات ثابتة ورؤى محددة في المنهج والطرح فالمتلمس للواقع الشبابي في البحرين يراه بحاجة ماسة إلى إعادة توجيه بشأن هويته والبحث عما يؤصلها.
المؤتمر طرح ثلاث أوراق عمل بدأتها الباحثة الكويتية إيمان شمس الدين والتي طرحت ورقة «من يصنع هويتي»، بدأت شمس الدين ورقتها بقضية من يملي الفراغ الثقافي في منطقة الخليج العربي بعد الانسحاب البريطاني؟، إذ أشارت أن الفكر الثقافي الغربي انتشر تزامنا مع تسويق الإنتاج الغربي وأصبحنا مجتمعا استهلاكيا حتى في المعرفة، و في سياق الموضوع أكدت الباحثة «أن ذلك لا يؤصل إلى موضوع المؤامرة إذ إنها لا تثبت فعاليتها في حالة عدم وجود مجتمع متقبل لها»، مع أننا نرى أن ذلك لا ينفي عدم وجود المؤامرة فالنجاح أو الفشل لا ينفيان الوجود إذ إن وجودها مرتبط بالرغبة في السيادة وفرض نوع من الثقافة. كانت تلك مقدمة للدخول إلى صلب موضوع الهوية التي لها ثوابت ومتغيرات، إذ تطرقت شمس الدين إلى عناصر الهوية مؤكدة رفضها للهويانية والتي تدعو إلى التطرف وبطبيعة الحال تؤدي إلى إلغاء الآخر وفي المقابل شددت على ضرورة خلق فكرة الاعتدال فالأخلاق ثوابت والفعل الأخلاقي متغير. ما يميز ورقة شمس الدين أنها طرحت الهوية كإشكالية للواقع الشبابي في عالمنا الإسلامي، لكنها تبقى بجاحة إلى مزيد من النزول أكثر إلى عقلية فتيات البحرين وما يجول في خاطرهن من تساؤلات وحيرة في ضل انتشار فضائيات تنشر ثقافات بعضها تزيد من العزلة والتقوقع على الذات، وأخرى تهوي بهن إلى الخواء الفكري فضلا عن التردي الأخلاقي في ضل واقع سياسي واقتصادي مرير.
الورقة الثانية لزهراء الألمانية والتي دخلت الإسلام. كانت ورقتها المطروحة تحمل عنوان «الباحثة عن الحقيقة»، حكت فيها تجربة الفتاة التي لا تكتفي بالوصول إلى نقطة «أ» بل تواصل المسير إلى «ب» و«ج» في عالم الحقيقة. هي كانت تائهة في عالم الكنيسة التي تبيع صكوك الغفران مقابل بيوت في الجنة، ومن منطلق متناقضات الكنيسة بحثت عن الحقيقة في عالم آخر، بحثت عن هويتها المتأصلة في سؤالين من أنا؟ ولماذا أنا هنا؟
واكتشفت زهراء أن الإسلام «يجعلني أعيش حرة كريمة» بينما في الغرب «حرية المرأة فيها فساد كبير.. فالمرأة هناك إلى الآن لم تجد نفسها، إنها صاحبة هوية ضائعة» وأردفت «السبب في الغرب المرأة غير الجميلة تعيش معاناة، تبحث عن الجمال لكي تحصل على ما تريد، لأنهم يرون جمال المرأة في جسدها»، لذا قررت «بحجابي وضعت أجندة وفكرة وحدود عني، أنا لست للعب أنا إنسان ابني إنسانيتي»، تجربة زهراء غنية بالعبر والحقائق والانطلاقات الفكرية والتأملات النفسية التي لم تحاول كاتبة الورقة التركيز عليها بالشكل الذي يجليها.
ما يميز المؤتمر انه طرح ورقة لتجمع فتيات التوعية بدأت ورقتهن بإطار نظري حول مفهوم التنشئة، التواصل، العولمة، وحديث مختصر حول كيف استثمر الانفتاح العالمي لإبراز هويتي على الرغم من هذا الموضوع هو محور الحديث ومبتغاه، كما تناولت موضوع العادات والتقاليد والسفر والإعلام وتحديد الهدف، وقد تم عقد مقارنة بين تنشئة الأمس وتنشئة اليوم فمثلا عن تحديد الهدف كان جيل الأمس «أهدافه ذات سقف ضيق ولكنها مركزة وذلك لعدم وجود خيارات متعددة، أما جيل اليوم «لدينا خيارات غير محددة، ونعيش مجموعة من المؤثرات التي تجعلنا ننظر إلى المستقبل القريب أو البعيد فنحن نعايش العلم في المدرسة، السياسية، الدين، حاجاتنا الخاصة. فنحن غير قادرين على تحديد الهدف» أما عن ثأثير التواصل في تنشئة الهوية بين الأجيال فقد أشارت الفتيات في ورقتهن «أن التواصل بيننا أصبح مفقودا مما أدى إلى انعدام الإيمان في كل جيل بمعتقدات الآخر»، لذا فهن يرين أن ردم الفجوة الحاصلة يكمن في «لنحاول أن تقترب من أبوينا أكثر فهما يحبونا إلى الأبد» هذه الإجابة ترتكز على العاطفة المبنية على ردات الفعل ولم تطرح على أساس السبب والعلاج من منطلق علمي واضح ينصف الموضوع ويعطيه مزيدا من التحليل والأهمية.
طرح التجمع الفتياتي استبيانا مهما على عينة مقدارها 205 فتيات، أعمارهن تتراوح ما بين 15 - 23، غالبية من تفاعل مع هذا الاستبيان نحو 62 في المئة من العينة،أعمارهن تتراوح ما بين 21 - 23 وقد جاءت بعض النتائج:
- 90 في المئة يقضين معظم أوقات فراغهم على الانترنيت.
- 40 في المئة من العينة يقضون ما يتراوح ما بين 3 – 4 ساعات على الانترنيت.
- 80 في المئة منهم يقضين تلك الساعات في المحادثة.
- 70 في المئة من العينة برامجها التلفزيونية المفضلة هي المسلسلات العربية.
- الشخص الأقرب إلى فتيات العينة: 30 في المئة الأم، 26 في المئة الأصدقاء، 22 في المئة الأخوات بينما كان حصيلة الأب 1 في المئة فقط.
على الرغم من أهمية ورقة الفتيات، لكنها لم تعكس عنوان الورقة «خياري... بيدي» ولم تجد الحل ولم تعط مساحة واسعة للتعبير عن أنفسهن على الرغم من امتلاكهن للقدرة المتميزة على ذلك، والورقة لم تسلط الضوء على المشكلة، لكنها تبقى إثارات شبابية بحاجة إلى مزيد البحث والدراسة، وعلى الإدارة النسوية بالجمعية التوعية معالجتها لأن الموضوع بحاجة إلى عدم التوقف على ما تم في المؤتمر.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 2766 - الجمعة 02 أبريل 2010م الموافق 17 ربيع الثاني 1431هـ
اسئل الله لكم التوفيق
سمات الزهراء