من باب الشكر والتقدير، أجد نفسي ملزما بعرض الجانب الأكبر من تعليقات القرّاء، الذين جشّموا أنفسهم عناء الكتابة في يوم عطلة أسبوعية (الجمعة)، لتبيان آرائهم في مقال «عطلة بين عطلتين».
الموضوع كما يبدو يشكل هاجسا لدى الكثيرين، بدليل تنوّع الآراء التي تثري النقاش بشأن قضيةٍ مسكوت عنها اجتماعيا وجماعيا، وهي انتزاع عطلة مجانية في الأيام الواقعة بين عطلتين، وأحيانا في بعض المناسبات الدينية، التي ربما يزيد مجموعها على أسبوعين في العام. ومع إدراك الجميع لخطأ ما يجري، فإن الكثيرين يلزمون الصمت طلبا للسلامة، بما فيهم علماء الدين.
أول رأي طرحه «طالب توجيهي» كان ضربة معلّم، بإشارته إلى أن «كثيرا من المدرّسين يشجّعون الطلبة على الغياب في هكذا مناسبات ليأخذوا هم إجازة أيضا». وهو ما يؤكده «محسن» الذي يؤكد أن «بعض المدرسين يأتون وفي داخلهم مقاومة شديدة لبدء التدريس»، ويتفننون في الإيحاء للبقية الباقية من الطلبة لصرفهم عن الدراسة. صحيحٌ أنه لا يمكن التعميم ولكن هناك من المدرّسين من لا يمكن تبرئته من هذه «التهمة» التي تخدش الضمير وأخلاقيات العمل.
إحدى المعلمات أشارت إلى ما تخلقه العطلة الاختيارية من حصص إضافية وضغوطٍ متزايدة على المعلمين بسبب تراكم المنهج، واتفقت على تشخيص أسباب المشكلة بـ»الراحة والدعة والخمول والتكاسل». وهي ضمن الظواهر الاجتماعية السيئة، التي يستغلها البعض لدغدغة مشاعر الناس لأسباب خاصة، كما حصل في البرلمان السابق حين أقرّ عطلة يوم عرفة، والبرلمان الحالي حين حاول بعض أعضائه المطالبة بعطلة في العشر الأواخر من رمضان. والكلّ يعلم بأن الغالبية لن تقضي يوم عرفة في العبادة، أو تحيي العشر الأواخر في التراويح والأدعية... بل في متابعة المسلسلات الجديدة أو المسابقات والخيام الرمضانية.
بعض القرّاء ركّز على دور وزارة التربية، وبعضهم على إدارات المدارس التي تقف عاجزة عن إيجاد حل. فأبوحسام وإن كان يعترف بتقصيرنا وإهمالنا كأولياء أمور، «إلا أن ذلك لا يعفي الوزارة وإدارات المدارس من مسئوليتهم عن تدني المستوى التعليمي».
بعض القراء ذهب إلى اقتراح ضرورة تدريس «من حضر»، وعدم إعادة الدرس للمتغيّبين، ليشعر الطالب بمسئولية أكبر، واعتبره بعضهم نوعا من المكافأة للمواظبين، بينما اعتبره قارئ آخر نوعا من العقوبة، حيث يتم حاليا حشر الحاضرين في صف حتى نهاية الدوام دون تدريس، وعدم السماح لأولياء أمورهم بإرجاعهم للمنزل، بينما المتغيّبون ينعمون بالراحة ومشاهدة التلفاز والكمبيوتر، ويتساءل: «من الذي يُعاقب... الغائبون أم الملتزمون؟».
تضارب الآراء يثبت أن المشكلة عامة وتؤرّق الكثيرين، بدليل طرحه في مؤتمر عاشوراء الأخير الذي نُظّم قبيل شهر محرم. فـ»علي» أشار إلى دور المنابر والخطباء في توعية الشباب وأولياء الأمور، ويقول: «لا أعتقد أن الإمام الحسين يرضى بغياب أبنائنا عن طلب العلم أياما ليتسكعوا في الشوارع».
هناك آراء خرجت عن السياق كما يحدث كثيرا في تعليقات القراء، فالبعض أشار إلى غياب بعض المدرسين وتقصيرهم بسبب انشغالهم بالدروس الخصوصية. والبعض أشار إلى الوفد السنغافوري الذي كان ينقل تجربة الفصل الالكتروني فإذا به يتفاجأ بافتقار مدرسينا لأجهزة اللابتوب أو الداتاشو.
هناك رأيٌ آخر لـ«بحراني مخلص»، فهو مقتنع بأن «الشعائر تحفظ الدين ولا يهم فقد عدة أيام من الدراسة لأنها لن تؤثر على الإنسان الذي يريد أن يصل لهدف معين، فكلنا كنا نغيب ونحن صغار وقد حققنا هدفنا ولم تؤثر علينا بشكل مباشر ولم تغير مسير مستقبلنا». ومع احترامي لرأيه، يجب التذكير بأنه قياسٌ مع الفارق، فالجيل السابق لم تكن هناك شواغل تصرفه عن إحياء المناسبات الدينية فعليا، من شبكةٍ عنكبوتيةٍ عجائبية وفضائيات تبث برامجها السحرية على مدار الساعة.
ومع قناعتنا بأن الإجراءات العقابية وسياسة التهديد لن تجدي نفعا، فإن التركيز ينبغي أن يتركّز على تغيير القناعات العامة لدينا كمجتمع، من طلبة وأولياء أمور ومدرّسين وجهات مختصة
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2361 - السبت 21 فبراير 2009م الموافق 25 صفر 1430هـ