المستوى المذهل الذي يقدمه الأسطورة الأرجنتينية الجديدة ليونيل ميسي مع فريقه الإسباني برشلونة أصاب متابعي الكرة بالذهول والإعجاب كون ما يقدمه لم نر مثيلا له منذ العام 1990 أي منذ أفول نجومية الأسطورة الأرجنتينية السابقة دييغو مارادونا الذي بات ميسي كما يصنفه الإعلام الإسباني أفضل من مارادونا بل الأفضل على مر تاريخ كرة القدم.
وإذا قلنا أنه الأفضل على مدار التاريخ فلا أعتقد أن في ذلك مبالغة، وباعتقادي أنه إذا ما تمكن من قيادة منتخب بلاده للظفر بكأس العالم في جنوب إفريقيا صيف هذا العام فإنه سيكون الأفضل تاريخيا بكل تأكيد كونه سيجمع المجد من جميع أطرافه ويمكن حينها فقط أن نقول أنه فاق مارادونا.
كأس العالم هو مصنع النجوم الحقيقيين وميدان البروز، فما قدمه مثلا اللاعب الفرنسي زين الدين زيدان للأندية أقل بكثير مما قدمه مع منتخب بلاده الذي أعطاه المجد الحقيقي وكذلك حال البرازيلي رونالدو وهما باعتقادي الأفضل خلال الـ 20 سنة الأخيرة.
الطريقة التي يراوغ بها ميسي ويسجل الأهداف أشبه بالأفلام السينمائية منها إلى كرة القدم الحقيقية، فهو قادر على تخطي الدفاعات بكل سهولة وبأسهل الطرق على رغم كل العنف المتبع ضده في محاولة إيقافه التي عادت ما تبوء بالفشل.
وميسي قادر على تسجيل الأهداف من مختلف الأوضاع والطرق سواء بالرجل أو الرأس من داخل المنطقة وخارجها، وقادر على فعل كل شيء بالكرة وكأنها ملكه وحده لا تنفصل عن مداعبة رجله اليسرى مهما تبارى المدافعون في استخدام العنف والضرب.
حقا إن الكرة نفسها تحب هذه اللاعب فتلتصق به تماما، وعندما يحاول المدافعون قطعها ترى الكرة نفسها تساعد ميسي على المرور، والطريقة التي يلعب بها هذا اللاعب لا يمكن مقارنتها بأي لاعب كرة قدم حالي أو سابق باستثناء مارادونا الذي كان يلعب بالطريقة نفسها، إلا أن اعتقادي أن مهارات ميسي أكثر خرقا للعادة من مارادونا.
إن محبي كرة القدم من هذا الجيل لاشك في أنهم محظوظون أن يشاهدوا مثل هذه الموهبة غير العادية تماما، وبعد تتالي السنين سيسمى هذا العصر بعصر ميسي، وسيحسد من كان في هذا العصر وتابع هذا اللاعب وشاهد مهاراته مباشرة وفي لحظتها لأنه من الصعب تماما تكرارها إن لم يكن من المستحيل.
مع كل ما حققه من إنجازات ومستوى وأهداف مازال ميسي في بداية المشوار فهو في الـ 22 من عمره وبإمكانه خوض كأسين عالميين على الأقل وفي حال تتويجه في أي منهما بقدراته وإمكاناته فإنه سيصنع مجدا شخصيا لا يمكن الوصول إليه أو حتى الاقتراب منه.
من أراد أن يشاهد متعة كرة القدم الغير طبيعية فما عليه إلا متابعة الكرة بين قدمي هذا اللاعب فهي أشبه بالنوتة الموسيقية في انسيابيتها وأشبه بالفهد في سرعة انطلاقتها الى المرمى.
إنه باختصار شيء خارق للعادة وتعجز الكلمات عن وصفه ولا يتكرر إلا كل 100 عام مرة!
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 2762 - الإثنين 29 مارس 2010م الموافق 13 ربيع الثاني 1431هـ