العدد 2761 - الأحد 28 مارس 2010م الموافق 12 ربيع الثاني 1431هـ

حكومة عراقية بأربعة ألوان... هل هذا مستحيل؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انتهت صولة الانتخابات في العراق. نَجَحَ مَنْ نَجَح، وخسِر من خسر، وتعلّق من تعلّق فيها. والغريب أن ذلك المُعلّق هو ما يُمسك بمستقبل الأمور. والأغرب أن الفائز مُضطرّ لأن يكسب ودّ من هو أقلّ منه، ليُصبح الأخير فائزا هو الآخر بتوليفة الحكم «الضرورية» لإنتاج حكومة مستقرّة وآمنة.

وإذا كانت المرحلة المنفرطة «فنّيّة» الطابع، «نفسيّة» السّجال، فإن المرحلة القادمة هي «سياسية» الشّكل والمضمون، «عُنفيّة» الهواجس إذا ما رَغِبَ الخاسرون في الدّوسِ على مآلات العملية الانتخابية. وهي مهمّة ليست بالصّعبة عليهم، في بلد اتّحد فيه الجميع خلف طوائفه وحفريّاته الأولى.

الخريطة الآن موزّعة كأجزاء غير مُرتّبة وكأنها لعبة أطفال. لننظر جيدا. نالَ الفائز الأوّل وهو «القائمة العراقية» بزعامة إياد علاوي 91 مقعدا، وحصَل الثاني وهو ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي على 89 مقعدا، وجاء الائتلاف الوطني العراقي بزعامة السيد الحكيم ثالثا بحصوله على 70 مقعدا، في حين جاء التحالف الكردستاني رابعا بحصوله على 43 مقعدا.

أما القوائم الصغيرة، فقد حصلت قائمة التغيير على ثمانية مقاعد، والاتحاد الإسلامي الكردستاني على أربعة مقاعد، والجماعة الإسلامية الكردستانية على مقعدين، وقائمة التوافق (السُّنّيّة) على ستة مقاعد، وائتلاف وحدة العراق على أربعة مقاعد، وقائمة الرافدين على خمسة مقاعد (ثلاثة منها للمسيحيين).

أما الأقلّيات، فقد نال المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري مقعدين، والحركة الأيزيدية من أجل الإصلاح على مقعد واحد، والشّبكيّون (ممثّلا بـ محمد جمشيد الشبكي) على مقعد واحد، والصابئة (ممثّلا بخالد أمين الرومي) على مقعد واحد. هذا فيما خصّ النتائج الرقميّة المُعلنَة رسميا.

بالنسبة للخُربشات السياسية أمام ذلك التمثيل الرّقمي، فيُمكن ملاحظة عدة أمور.

الأول: أن المالكي لم يستمع لنصيحة الإيرانيين وبعض من حوزويي النجف بضرورة التحالف مع الائتلاف الوطني العراقي بزعامة السيد الحكيم فخَسَر الانتخابات أمام منافسين مُصطَفِّين بشكل جيّد، وأساء لعلاقته مع السوريين بعد تفجيرات الأربعاء، فأوصد أمامه بابا لو لم يكن موصودا لحاز على عُمقٍ عربي يتّكأ عليه أمام أغياره من الدول العربية.

ثانيا: أن التيار الصّدري لم يُعد قادرا لا سياسيا ولا نفسيا على تجاوز خلافه الغائر مع المالكي بعد ضرب الأخير للتيار في مدينة الصدر والبصرة في عمليات ما عُرِفَ حينها بصولة الفرسان، وما اعتبره الصدريون حينها على أنه نكوص من المالكي على تعهداته عندما استند على رافعتهم لنيل منصب رئاسة الوزراء بعد تنحّي الجعفري.

ثالثا: أن قائمة إياد علاوي غير مُنسجمة بالمرّة مع ائتلاف المالكي، الذي قَضَم منها ما قَضَم من خلال الإزاحات التنفيذية المستمرّة من جَسَد الدولة والحكومة، وتسريحه لعديد من الضباط بحجّة اللوثة البعثيّة، وأيضا تهديداته المتكررة باللجوء إلى القوة لحسم المعركة الانتخابية إذا لم تكن في صالحه.

رابعا: أن قوائم الأكراد (التحالف الكردستاني، قائمة التغيير، الجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي)، ترى خشية من التحالف مع قائمة علاوي بعد تصريحات لأحد منتسبي قائمته وهو طارق الهاشمي والذي دعا فيها إلى إسناد منصب رئاسة الجمهورية إلى شخص عربي للحفاظ على هويّة العراق العربية.

خامسا: أن ائتلاف الحكيم في داخله منقسم على سماطين، الأول: يقوده الصدريون الداعين إلى التحالف مع علاوي، والثاني يقوده المؤتمر الوطني بزعامة أحمد الجلبي الذي يدعو إلى التحالف مع المالكي. وأمام هذه التناقضات بين الكتل الفائزة، يصبح موضوع تشكيل الحكومة أمرا صعبا، إذا ما استُدعيت مصالح كلّ المكوّنات والقوائم على الطاولة.

أمر آخر يتعلّق بتوزيع الكتلة البشرية. فقائمة علاوي التي حصلت على واحد وتسعين مقعدا، نالت في بغداد العاصمة على 26 مقعدا، وفي البصرة ثلاثة مقاعد، وفي ذي قار مقعد واحد، وفي القادسية مقعدين، وفي صلاح الدين على ثمانية مقاعد، ومقعدين في واسط، وواحد في كربلاء وثلاثة في بابل وأحد عشر مقعدا في الأنبار وثمانية في ديالى، وستة في كركوك وعشرين في نينوى.

أما قائمة نوري المالكي التي نالت تسعة وثمانين مقعدا، فقد نالت في بغداد ستة وعشرين مقعدا، وفي البصرة أربعة عشر مقعدا، وفي ذي قار على ثمانية مقاعد، وفي ميسان والمُثنّى والقادسية أربعة مقاعد لكلّ منها، وفي النجف الأشرف على سبعة مقاعد، وفي واسط على خمسة مقاعد، وفي كربلاء على ستة مقاعد، وفي بابل على ثمانية مقاعد، وفي ديالى على مقعد واحد.

وبهذه الحَسْبَة يُصبح من اللازم تحالف الأغلبيتين الشيعية (المالكي) والسّنّية (علاوي) في تشكيل متماسك (رغم مرارته وكُرهه)، وفي مرتبة تالية يُضاف إليه ائتلاف الحكيم الذي نال أصوات سبعة ملايين صوت (طبقا لحسابات 100 ألف = مقعد واحد)، والأكراد الذين يُمثلون جزءا أصيلا من القوميات الموجودة في العراق، والتي تنتظم عليها مُجمل السلطات القائمة.

فمن حاز على الأغلبيّة الشيعية هو المُمثّل الأول لهم، وكذلك الحال بالنسبة للسّنّة، وبالتالي ارتكاز الحكومة على أهم دعامتين يصطبغ بهما وجه العراق، واللتان تورّطتا منذ فبراير/ شباط 2006 وحتى الآن في صراع سياسي طائفي مقيت.

هنا يُصبح الموضوع متأرجح ما بين بقاء الأغلبيات في صلب السلطة لتعديل ميزان التمثيل الشعبي الحقيقي، وبين نُثار القوائم الأخرى المُمثّل الآخر للمجموع، وهو ما يعني أنه نتيجتها يجب أن تكون شيعية سنّيّة كرديّة علمانية دون أن تقترب من المسخ، وفي ذلك عمل شاق بامتياز. (وللحديث صلة).

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2761 - الأحد 28 مارس 2010م الموافق 12 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 11:35 ص

      مقاعد علاوي

      فاز علاوي في بغداد بـ 24 مقعد مع اضافة مقعدين تعويضيين وبالتالي فان العدد هو 26

    • أبو ولايـة | 4:32 ص

      مجرد ملاحظة...!

      عفواً أبو جاسم،، لست أنا بمقام الراد عليك أو المصحح لمقالك .. ولكن هناك خطأ ذكرته وهو بأن قائمة علاوي قد حصلت على 24 في بغداد وليس 26 مقعداً .. والله العالم ...!

    • زائر 2 | 1:35 ص

      علاوي

      تبسيط الأمور عبر إخراج علاوي هو مصيبة للعراق والعراقيين لان الاصوات التي حصل عليها تمنحه التفويض اللازم للقيام بمهام رئيس الحكومة

    • زائر 1 | 11:34 م

      الباب الشرقي

      شكله علاوي بيطلع من الباب الشرقي بعد قرار المحكمة العليا والكتلة الأكثر عددا

اقرأ ايضاً