العدد 2759 - الجمعة 26 مارس 2010م الموافق 10 ربيع الثاني 1431هـ

استيلاد مبادرة جديدة تأخذ شروط «نتنياهو»

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

تفتح الولايات المتحدة الأميركية ذراعيها السياسية والأمنية والعسكرية في هذه الأيام، مستقبلة رئيس وزراء العدو بحفاوة كبيرة، لتؤكد للعرب مجددا بأن لا أزمة في العلاقات بين إدارة «أوباما» والكيان الصهيوني، وأن التزام أميركا بأمن هذا الكيان هو التزام لا يتزعزع، كما قال المبعوث ميتشيل، وأصلب من الصخر، كما قالت وزيرة الخارجية الأميركية... وبالتالي فعلى العرب والمسلمين ألا يتوهموا بأن أميركا يمكن أن تقترب منهم على حساب كيان العدو.

وفي هذه الأجواء، تبدأ جولة جديدة من الإرهاب الإسرائيلي ضد قطاع غزة، في الغارات التي تتجدد متزامنة مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة للقطاع، وهي الزيارة التي لا يمكن أن تمحو تقصير المنظمة الدولية الكبير حيال هذا القطاع، بفعل الحصار وسياسة العقاب الجماعي التي يمارسها العدو، من دون أن تحصل غزة من «بان كي مون» إلا على كلمات الاستنكار والعتب الخجول للعدو الذي يواصل - في الوقت عينه - بطشه وإرهابه في الضفة الغربية، فيعتقل المزيد من الفلسطينيين، ويقتل ويجرح المزيد، ويستبيح القدس ومعالمها الدينية، ويطرد سكانها العرب، ثم يعلن للعالم أن هذه الأرض التي استولى عليها قبل عقود تمثل عاصمة له وليست مستوطنة... ويصمت هذا الذي يسمّونه مجتمعا دوليا، ويلوذ بالصمت هذا الذي يطلقون عليه رأيا عامّا عالميا... أما الأنظمة العربية والإسلامية فتبذل أقصى جهودها لتطويع شعوبها وإخضاعها، ومنعها من التظاهر حتى لا تزعج خاطر الإدارة الأميركية، ولا تتسبب بإحراج لتركيبتها المخابراتية وجهودها المستمرة في التحرر من فلسطين.

إننا نقول للشعوب العربية والإسلامية: إن المشكلة الكبرى تكمن في هذه الأنظمة المتسلّطة عليكم، والتي يمثل معظمها حرس حدود لكيان العدو، أو حرس تغطية للسياسة الأميركية، ولذلك فإن الإدارة الأميركية لا تجد أية مشكلة في أن تذهب إلى حيث يريد العدو، وأن تضغط على العرب مجددا للتنازل أكثر، وربما لاستيلاد مبادرة جديدة تأخذ شروط «نتنياهو» الجديدة حول القدس واللاجئين ويهودية الكيان بعين الاعتبار.

ولذلك، فإن الرهان على القمة العربية هو رهان على سراب، بصرف النظر عن المكان الذي تُعقد فيه هذه القمة، وهو المكان الذي جرى فيه الاعتداء على رمز إسلامي كبير من رموزنا هو سماحة السيد موسى الصدر، لأنها ستكون كأخواتها السالفات، قمة البيانات التي لا تحرك ساكنا على مستوى العالم كله، ولن يتطلّع الغرب أو الشرق إلى لغة هذه البيانات سواء أكانت استفهامية أو استنكارية أو تعجبية، لأن المسألة تكمن في أن هؤلاء ألقوا السلاح، وتنكّروا لمن وضع حدّا لعدوّهم بسلاحه المقاوم ومواقفه الحاسمة.

إن الإدارة الأميركية عندما تتحدث عن أن ما يجري بينها وبين حكومة العدوّ يمثل خلافا «داخل العائلة الواحدة»، وأن الصداقة بينها وبين هذا الكيان تستند إلى القيم المشتركة، فهي تعي ما تقول، لأن من هذه القيم المشتركة مسألة الإبادة التي تعرّض لها الهنود الحمر كما تعرّض لها الشعب الفلسطيني، في المجازر الكبرى التي استهدفته من العصابات الإرهابية الصهيونية... ومن هذه القيم المشتركة مسألة الاحتلال الذي يُطبق على العالم العربي والإسلامي، من أفغانستان إلى العراق، إلى فلسطين المحتلة.

إننا نحذّر من أن طيّ ملف الأزمة الأميركية - الإسرائيلية المخترعة سيكون لحساب فتح جبهة سياسية وإعلامية جديدة ضد إيران، ليُمهّد ذلك لسياسة العقوبات التي تتحضّر لها الإدارات الغربية المتعددة ضد الجمهورية الإسلامية، والتي بدأت تضغط فيها هذه الإدارات على كثير من الدول العربية والإسلامية المجاورة لإيران، لكي توحي لإيران بأن سيف العقوبات سيرفع بوجهها في القريب العاجل لحساب كيان العدوّ الذي يتطلّع لتطمينات أميركية ودولية في أن إيران لن تمثل نموذجا استقلاليا وعلميا يُحتذى على مستوى المنطقة.

أما لبنان الذي تتواصل فيه لعبة المساكنة السياسية التي تتطلّع إلى انجلاء الصورة بشكل أفضل في المنطقة، فقد بدأت الملفات المعيشية تطرق أبواب المسئولين الذين تعهدوا سابقا بوضع قضايا الناس على رأس أولوياتهم، ثم انسحبوا من هذه التعهدات، وباتت قضايا المعلّمين وأساتذة الجامعة المتعاقدين، وغيرها من الملفات، تضجّ في البلد الصغير الذي يتحضّر لأزمة كهرباء جديدة، مع الدخول في أيام الربيع وارتفاع درجات الحرارة.

إننا نقول للمسئولين جميعا: إن عليكم التفرّغ لحلّ مشاكل الناس التي بدأت تكبر ككرة الثلج، بدلا من الاسترخاء والدخول في سجالات غير مجدية من هنا وهناك... وإن ربيع لبنان يتمثل بشبابه ومعلّميه، وهذه الفئات المنتجة والمعطاءة، فلا تحرقوه بسياستكم، ولا تقتلوه بإهمالكم واسترخائكم.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2759 - الجمعة 26 مارس 2010م الموافق 10 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:46 م

      تقى البتول

      سلام عليكم يا سيد الله يحفظك ويخليك ياسيد كل اسبوع تتحفنا بمقالاتك الاكثر من روعة وهذا عشمنا فيك يا ابن رسول الله

    • زائر 1 | 3:26 ص

      14 نور

      السلام على سليل الأطهار السلام على حفيذ حيدر الكرار السلام عليك يا سيدي ومولاي يبن رسول الله, وبعد السلام أهم إلى الكلام لأقول لك يبن الأكرمين بأن العرب مشغولون حالياً بحرب كبيرة ولكنها ليست مع أعداء الإسلام و إنما مع شعوبهم وكأن شعوبهم هي التي تحتل فلسطين وكأنها هي من تسعى لتدمير الأقصى وكأنها هي من تدوس على أطراف المسلمين وتقتل فيهم شر القتل, يا سيدي إن كان الكلام للأموات سيردهم للحيات فسينفع كلامك هؤلاء الأموات فهم مشغولون بترتيب الحكم للسنوات التي بقيت لهم من العمر والترتيب للولي من بعدهم.

اقرأ ايضاً