تعبير «غسْل» يوحي بـ «وساخة» وشوائب؛ إذ ليس من المنطق والعقل أن تغسل ماهو نقي وصافٍ. وغسل العقول يوحي بأنها وسخة، أنها بحاجة إلى إعادة «شطْف» «تأهيل» «تنقية».
وفيما يتعلق بغسْل الأموال، المسألة بحاجة إلى «شغل بعد الظهر» لتعريفه وتمحيصه. غسْل الأموال لا يعني إدخال رزم منها في غسَّالة مع مسحوق «تايد». المسحوق هنا يتمثل في إعادة تدوير تلك الأموال وبأوراق ومستندات لا تشي بأصل مصدر الأموال تلك. إضافة إلى تدوير تلك المستندات في عدد من العواصم والمدن إلى أن يجف مايوحي بوساختها وتكون «حلالا» على صاحبها في ظل التدوير أحيانا، وفي ظل تغاضي وتغافل المنافذ أحيانا أخرى!
في غسل الأدمغة، ثمة جهات، منابر، أجهزة في أي دولة تقوم بالمهمة، تبعا للظروف الفردية والعامة. تنجح أو تفشل. وكثيرا ما تكون أرضا خصبة لتفعيل ذلك الغسْل. يُصار إلى توجيه وتسيير تلك الأدمغة إلى الجهة والمنطقة التي يراد لها أن تبرمج فيها تلك الأدمغة؛ لتتحول بعض تلك الأدمغة من مُلوِّحة بالسؤال، باحثة، مُنقِّبة، مُقْلقة، إلى متجانسة مع الحال العامة المراد أن تسود، وموجهة لمنافذ وبؤر الخلل والفساد، ودالة عليها.
في غسْل الأموال، واستتباب أمور صاحبها، خلل ينتاب منظومات الدول، إما لأنه العرْف، وإما لاستفادة جهات من المنظومة ذاتها. لكن الخلل الأعظم في هذا الصدد يكمن في مزاج تلك المنظومات (مزاج فرزها ورصدها) وهو مزاج بالمناسبة يختبر أهليتها مادامت تتحرك وتستنفر وتجند ضمن حال المزاج، لا حال المسئولية والحس الإنساني والوطني، وفي ذلك غسْل آخر يقودنا إلى غسل الأدمغة؛ إذ لا تنفصل تلك المنظومات عن حال كهذه.
يتسيَّد مثل ذلك الغسْل أو تغافله، عن غسْل الدماغ ذاته الذي يتعرض له الأفراد والعموم، ليطال بعض منظومات أي دولة.
وفي الغسْل بحاليه يتكشَّف حجم الأدران المعششة في محيط وبيئة كتلك؛ إذ يطال الأدمغة والأموال والضمائر والقوانين وحتى العبث الذي يكاد وحده في ظل لحظة عادية وليست فارقة أن يكون قانونا له بنوده ومواده ودفوعاته.
كل شيء من حولنا بحاجة إلى هزة و»شطْف» يعيدنا إلى نقاء وصفاء لم يعد ماثلا؛ أو لأقل بات نادرا!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2757 - الأربعاء 24 مارس 2010م الموافق 08 ربيع الثاني 1431هـ
14 نور
على حد علمي يلزمنا أكثر من مسحوق الغسيل تايد يلزمنا إنفجار غسيل من ال TNT فمن نسعى لتنظيفهم لا أمل فيهم إلا بدخولهم أقفاص الظلم التي قبع خلفها الكثير من ظلموا فلعل وعسى يغير نظرتهم وأكرر نظرتهم فقط ولكن ليس بالضرورة أن ينظفهم فالتنظيف بالنسبة له مستحيل فقد إختلط ( الحابل بالنابل ) و لا أثر للطهور.