العدد 2757 - الأربعاء 24 مارس 2010م الموافق 08 ربيع الثاني 1431هـ

فاطمة عيد تصدر «الشباب البحريني ومستقبل وطن»

صدر للباحثة البحرينية فاطمة عيد كتاب في 200 صفحة بعنوان (الشباب البحريني ومستقبل وطن). يقدّم هذا الكتاب قراءة مهمّة لمفهوم المواطنة في الدولة الديمقراطية المعاصرة، وربطه بمفاهيم الشباب البحريني، ومعارفهم حول المواطنة، وما يرتبط بها من حقوق، وواجبات، وممارسات. هذا وقد حاول الكتاب كشف مدى إدراك الشباب لمفهوم الديمقراطية، ورصد آرائهم حول الوطن ومسؤولياتهم تجاهه، وكشف وعيهم السياسي والقانوني، وكذلك مواقفهم تجاه قضايا مجتمعهم والعالم.

فإن قارئ هذا الكتاب سيجد أهم ما يشغل الشباب البحريني من مشكلات وحاجات ملحة تتطلبها هذه المرحلة، ويسلّط الضوء على بعض جوانب الضعف والقوة في معارفهم المدنية والسياسية، التي كان لها دور كبير في تشكيل هوية الشاب البحريني وصياغة توجهاته في شتى المجالات.

إن أهمية هذا الكتاب تنبع من أهمية الموضوع الذي يتناوله، ويشغل كثيرا من الدول بمؤسساتها التربوية، والمجتمعية، والسياسية خصوصا، والعالم بأقطاره، ومنظماته عموما. حيث شكّل الشباب على مر العصور فئة مهمّة تقوم بدور حيوي في حركة المجتمعات؛ ذلك أنهم يمثلون الطاقة البشرية والتنموية التي تحرك المجتمع، ورصيده الحي والمتجدد الذي يضمن استمراره وتواصله، فالشباب هو المرآة التي تعكس الواقع الاجتماعي ، وهو المقياس الذي يحدد درجة تطوره أو تخلفه، وهو من هذا المنطلق يطرح استحقاقات وإشكاليات وتحديات يتعين إدراكها والسعي إلى العمل على ضوئها في كل ما تضعه الدول من برامج، ومخططات للحاضر والمستقبل .

يذكر، أن الشباب البحريني يحتل منزلة متميزة في المشروع التنموي بالبلاد باحتلاله مكانة مهمّة ضمن الاختيارات المجتمعية من جهة، ومن اهتمام قادة البلاد بتمكينهم وإعدادهم لمواطنة مسؤولة من جهة أخرى، وعملا بتوصيات الشباب البحريني أنفسهم في مختلف المحافل الوطنية التي تهتم بقضاياهم، ووعيا من الحكومة، وكذلك البرلمان، وجلّ المؤسسات المهتمة من مؤسسات تعليمية، وجمعيات أهلية، وسياسية، وشبابية، ونقابات، فإن انخراطهم في صناعة القرار أصبح ضرورة؛ لضمان مساهمتهم في التطوير والتنمية المستدامة بما يفضي إلى مجتمع يسوده القانون وفق رؤية مستقبلية متفائلة؛ لتحقيق هذا الهدف الطموح وتوجيه الشباب بما يعزز دورهم الفعّال في مجتمعاتهم باعتبارهم عماد الحاضر، وأمل المستقبل.

ويقدّم هذا الكتاب أيضا مراجعة نقدية لتربية المواطنة، ودورها في تنمية المواطنة الفاعلة لدى الشباب، ويسلّط الضوء على دور الدولة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية في تعزيز قيم المواطنة ومفاهيم الحقوق والمسؤوليات والقانون، وتنمية الوعي السياسي والديمقراطي. ومن جانب آخر، يقدّم معالجة علمية مهمة يمكن اعتمادها أساسا في وضع خطط وطنية؛ لتمكين الشباب البحريني وإعداده لمواطنة مسؤولة تستشرف احتياجاته المستقبلية.

ويأتي هذا الكتاب متفقا مع اهتمام مملكة البحرين بموضوع تربية المواطنة وتمكين الشباب البحريني وإعداده؛ ليكون مساهما ومنتجا ومسؤولا اجتماعيا عن الوطن، حيث باتت تربية المواطنة من وظائف التعليم الأساسية، ويتجلى ذلك من خلال اهتمام قادة البلاد والباحثين والتربويين بتنمية هذا الجانب لدى المواطن، فالتربية الوطنية والسياسية للشباب يمكن اعتبارها مشروعا وطنيا للبحرين خلال السنوات القادمة.

لقد كان للشباب البحريني - ومازال - دور واضحا في المشاركة الإيجابية، وفي الانخراط بمؤسسات المجتمع المدني وفعالياته ونشاطاته. ولابدّ للمجتمع أن يطور دوره في تربية النشء، وإعداده لمواطنة مسؤولة، وتوعيته بحقيقة ما يجري من أحداث في العالم؛ ليدرك المصلحة الوطنية لبلده، وليتمكن من أداء أدواره المطلوبة في ضوء تلك التغيرات، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال تكثيف جهود التربويين في ترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية. فالمعتقدات، والاتجاهات، وقيم الانتماء، والولاء، والوفاء، والعطاء، والإخلاص، والاعتزاز الواعي بالوطن متى ما تأسست منذ الصغر بطريقة صحيحة في ذات المواطن؛ جعلت اتجاهاته نحو وطنه وأمته إيجابية، وتَرسََّخ انتماؤه لقيمه, ومارس مسئولياته تجاهه.

ويؤكد الكتاب أهمية التنمية الوطنية وبأنها قد أصبحت في المجتمع المدني الحديث أساسا من أسس بنائه؛ فهي مسلك مهم من مسالك البناء، تنطلق من احترام المبادئ، والقيم الاجتماعية، وحرية الرأي والتفكير، وتهدف إلى تعميق الحس الوطني والشعور بالواجب تجاه المجتمع، وتنمية الشعور بالانتماء للوطن والاعتزاز به، وغرس قيم الأخوة والتفاهم والتعاون بين المواطنين، واحترام النظم والتعليمات، وتعريف الشباب والناشئة بمؤسسات بلدهم ومنظماته الحضارية؛ وتهدف في الوقت نفسه إلى تمكين المواطنين من فهم أنفسهم، وبلادهم، والعالم.

في هذا التوجه، تعتبر فئة الشباب رقما مهما في معادلتي المواطنة والتنمية, وأن التأسيس لمواطنة حقيقية وفاعلة يستوجب انخراطا مكثفا للشباب في الفضاءات التنموية بالمجتمع؛ للمساهمة بما تتوافر لديهم من طاقة، وكفاءة، ودينامية؛ لتحريك عجلة التقدم في جميع المستويات، إلا أن ذلك مرتبط بالضرورة بتحديث قنوات التواصل مع الشباب، وتهيئتهم لمشاركة حقيقية وبناءة. وتعّد ذلك نقطة البدء الأساسية في تشكيل نظرة الشاب إلى نفسه، وإلى بلاده، وإلى شركائه في الوطن.

يقع الكتاب في خمسة فصول، تناولت المقاربة النظرية فيه المواطنة، ومعناها، وأهدافها، وقيمها، وتعرضت لمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والوعي السياسي، والمشاركة المجتمعية، ومن جانب آخر، ساهمت المقاربة الميدانية في هذا الكتاب في إعطاء صورة واضحة عن المفاهيم، والتوجهات، والقناعات التي يحملها الشباب البحريني؛ إذ تم الوقوف عن قرب على درجة وعيهم بالمفاهيم الوطنية، ودرجة انتمائهم وولائهم لهذا الوطن.

ختاما، يأتي هذا الكتاب ليقول بأنه لابدّ من التأكيد على أن الضمانات الحقيقية للممارسة الوطنية السليمة؛ إنما تتمثل في مدى تشرب أبناء المجتمع لقيم المواطنة الحقيقية منذ الصغر، والتدريب على ممارستها عمليا في مختلف المؤسسات والوسائط التربوية. ومن المؤكد أن مشاركة مختلف الوسائط التربوية في سياق متناغم باتت حتمية. وعليه، يجب أن تعكس برامجها التزاما واضحا وجدّيا؛ لمساعدة الشباب، وتهيئتهم للمشاركة الفاعلة في الحياة العامة، وتمكينهم ليصبحوا مواطنين مدركين لمسئولياتهم، وحقوقهم، وواجباتهم، ملتزمين بالقيم الإنسانية، ومالكين للمعارف، والمهارات الأساسية اللازمة للمشاركة الفاعلة في الحياة.

العدد 2757 - الأربعاء 24 مارس 2010م الموافق 08 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً