أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمام، عبدالرحمن السلطان لـ «إيلاف» أن ارتفاع مواد البناء سيؤثّر على المقاولين بشكل كبير، إذا كانت دراساتهم للمشروعات أغفلت تلك الزيادات منذ البداية، وقدرت هوامش ربح محدودة. أما إذا كانت الأرباح مبالغا فيها، فإنها ستكون مجرد انخفاض في هامش الربح.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة مفاز للتطوير العقاري، إبراهيم العسيري، إن تعامل المقاولين مع الارتفاعات سيختلف من مقاول إلى آخر، وسينقسمون إلى قسمين، الأول سيلجأ إلى تأخير تنفيذ المشروعات، على أمل انتهاء تلك الزوبعة، والقسم الثاني سيتم تعويضهم طبقا للعقود المبرمة مع الجهات المالكة للمشروعات، بحسب المتغيرات في الأسعار، مشيرا إلى أن المقاولين الذين يعملون في المشروعات الحكومية سيكونون أكبر المضارين، إلى أن يصدر أمر سامٍ بتعويضهم، كما حدث من قبل.
من جانبه، رأى أحمد شربتلي صاحب شركة مقاولات أن ارتفاع أسعار مواد البناء مجرد شائعات، أكثر من كونها أمرا واقعيا، مؤكدا أنه عند الرجوع إلى المصادر الأساسية سنجد الأسعار شبه ثابتة، باستثناء الحديد.
السلطان، رأى أنه لا يوجد خيار أمام المقاولين إلا تأمين احتياجاتهم من مواد البناء بالأسعار الحالية، وخاصة إذا كانت الارتفاعات ليست ناتجة من اختناقات مؤقتة، مضيفا أن المخاطر تقع على عاتق منفذي المشروعات في الوقت الراهن، وخاصة أن التعويضات قد لا تطال إلا منفذي المشروعات الحكومية، كما حدث في 2008.
وأوضح العسيري أنه يوجد شق واقعي لتلك الزيادة، يجب على المقاولين استيعابه، وخصوصا إذا كانت ناتجة من ارتفاعات عالمية، بفعل زيادة أسعار النفط، مشيرا إلى أنها قد تكون هناك أسباب داخلية، وهنا يأتي دور اللجنة المكوّنة من وزارة التجارة وأمراء المناطق لقيادة حملات تفتيشية صارمة لإعادة الأمور إلى نصبها الصحيح. وقد ذهب شربتلي إلى الرأي نفسه، قائلا إن الملف حاليا في وزارة التجارة، وهي تعمل عليه، من خلال الحملات التي شملت التجار والموزعين.
ورجّح السلطان انسحاب المقاولين من بعض المشروعات، وخاصة إذا كان الضمان المالي والغرامات المرتبة على الانسحاب أقل من الخسائر الناتجة من ارتفاع أسعار مواد البناء، في حين استبعد العسيري هذا الاحتمال، وخاصة أن منفذي المشروعات الكبيرة، بحسب وجهة نظره، شركات ذات قدرة مالية ضخمة.
وهو ما أكده شربتلي، مشيرا إلى أن انسحاب المقاولين من المشروعات أمر غير وارد، سيما وأن العقود حاليا تتضمن بندا يحمل المالك، أي زيادة في أسعار مواد البناء تزيد على 5 إلى 10 في المئة، إضافة إلى أن أي مقاول يضع الحسبان ما بين 10 إلى 15 في المئة من كلفة المشروع لتغطية أي زيادة في الأسعار.
وقد اتفق الثلاثة على احتمالية ظهور السوق السوداء، مع هذه الزيادات في أسعار مواد البناء؛ إذ أشار السلطان إلى أنه في حال كانت الزيادة نتيجة لتخزين التجار لمواد البناء، فستنشط السوق السوداء. أما إذا كانت الارتفاعات بفعل شحّ الكميات فظهورها مستبعد.
من جانبه، أكد العسيري أن نشاط السوق السوداء في تلك الحالات متوقع، وخاصة أن الارتفاعات في الأسعار لم تكن موازية لحجم الزيادة العالمية. وقال شربتلي إنه في حال استمرار الشائعات من دون رقابة، فستعاود السوق السوداء الظهور، كما حدث في العام 2007، التي وصل فيها سعر الحديد إلى 6 آلاف ريال وأكثر.
العدد 2757 - الأربعاء 24 مارس 2010م الموافق 08 ربيع الثاني 1431هـ