العدد 2360 - الجمعة 20 فبراير 2009م الموافق 24 صفر 1430هـ

لقب «الحكومة البخيلة»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أجمل ما في تراثنا العربي تلك النوادر المضحكة والمبكية في آن واحد، تلك النوادر التي تعكس واقعنا وحالنا نحن الشعوب العربية وما نعانيه من قساوة الحال وقصر اليد، في قبال سلطة وحكومة تمارس علينا أساليبها الملتوية المعتادة في خداع عقولنا بتلك الكلمات المعسولة. تراثنا مليء بنوادر البخلاء، الذين أفرد لهم كتبا لسرد نوادرهم ومآثرهم، فكتب الجاحظ كتابه «البخلاء»، ولحقه في ذلك الخطيب البغدادي في كتابه «البخلاء» وجمال الدين بن المبرد الدمشقي في كتابه «إتحاف النبلاء بأخبار وأشعار الكرماء والبخلاء»، وأفرد لهم آخرون فصولا وأبوابا في كتبهم الموسوعية الشاملة، مثلما صنع ابن قتيبة في كتاب «عيون الأخبار»، وابن عبد ربه في كتاب «العقد الفريد»، والآبي في كتاب «نثر الدر»، والنويري في كتاب «نهاية الأرب» وغيرهم.

كل هؤلاء تحدثوا عن البخلاء بشخصياتهم وشخوصهم الفردية، ولم يتطرق أحد في يوم من الأيام للحكومات البخيلة على شعوبها.

يحكى أن بخيلا وابنه مشيا مع جنازة وكانت امرأة تنوح وتصرخ إلى أين يذهبون بك، إلى بيت لا فراش فيه، ولا غطاء، ولا خبز ولا ماء!؟ فقال ابن البخيل لأبيه: هل سيذهبون به إلى بيتنا؟ هذا هو حال كل المواطنين البحرينيين باختلاف المقاييس، وليس فقط البخلاء.

هل من الممكن أن يكون بُخل الحكومة على شعبها هو من أجل الوطن وحمايته في ظل الأزمة المالية الراهنة؟ هل من المعقول أن حالة التقشف التي تعيشها الحكومة منذ سنوات طويلة ضحيتها المواطن دائما وأبدا؟ هل من المعقول أن يدفع المواطن ضريبة الأزمة المالية فيما لم يستفد من الوفرة النفطية؟

15 ومن ثم 25 مليون دينار فقط من الحكومة كل ما تستطيع أن تفعله لمواجهة الغلاء الذي اجتاح كل الأسر البحرينية، بعد أن كانت 70 مليونا، فالحكومة أعلنت التقشف وضيق اليد في ظل السقوط المدوي لسعر برميل النفط.

من هو في أمس الحاجة للثاني الحكومة أم الشعب؟ من يطلب الدعم من الآخر الحكومة أم الشعب؟ ومن يقف على باب الآخر الحكومة أم الشعب؟ ومن ينتظر العطاء من الآخر الحكومة أم الشعب؟

ما نشهده أن الحكومة تمد يد العون من المواطن الجائع والفقير، فهي تستقطع 1 في المئة من أجره شهريا لصالح صندوق التعطل الذي امتلأت خزائنه بالملايين دون أي فائدة، الحكومة التي تسعى لرفع اشتراكات التأمين التقاعدي على المواطنين لإنقاد صناديق التأمينات من عجز قريب، الحكومة التي ما فتئت من مزاعم الحديث عن انخفاض الأسعار، رغم أنها تعيش الارتفاع في كل يوم ودون توقف، وهي على يقين بذلك. الحكومة ببخلها على شعبها تمارس الإهمال الحقيقي لما تعهدت به على نفسها في تحقيق الرفاهية للمواطن، لتستحق بذلك لقب «الحكومة البخيلة».

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 2360 - الجمعة 20 فبراير 2009م الموافق 24 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً