مساء أمس كان شارع البديع مزدحما وحركة المرور متعطلة بسب تواجد أمني مكثف، ومايشبه نقاط تفتيش هنا وهناك. وعند الاقتراب من قرية الدراز تتواجد قوات مكافحة الشغب بكثافة، ونيران مشتعلة عند المدخل، وغازات كثيفة من مسيلات الدموع وأصوات لقنابل صوتية مدوية، وشباب يركظون داخل الأزقة من كل جانب، وخلفهم قوات الأمن.
الحديث مع المعنيين بالأمر من المسئولين يتشعب إلى الكثير من القضايا التي تداخلت، وهي نتاج لتراكمات صغيرة تجمعت للتحول إلى ظاهرة غير محببة ونأمل أن نرى نهاية لها عبر سبل أفضل.ولكن الموضوع يتعلق بـ «شباب»، وهؤلاء الشباب من المفترض أن تكون لهم استراتيجية تستوعبهم، بدلا من الوضع الحالي الذي يشهد صدامات واعتقالات ومحاكمات، وكأننا نعود إلى نقطة الصفر التي من المفترض أننا غادرناها منذ سنوات.
وبمناسبة الحديث عن الشباب، فإن «الوسط» تنشر اليوم تقريرا عن العام 2009، الذي كان من المفترض أن يشهد انتهاء الفترة المحددة لتنفيذ «الاستراتيجية الوطنية للشباب» التي انطلقت في 2005، وكانت - ومازالت - من أفضل الاستراتيجيات الشبابية التي كتبها خبراء من الأمم المتحدة لصالح حكومة البحرين. إلا أنه - وكما تناقلت الأنباء آنذاك - فإن بعض ذوي النفوذ نصحوا الدولة بعدم تنفيذ الاستراتيجية (لأسباب غير معلومة)، ولذا فحتى الآن لم تبادر الوزارات والجهات الرسمية المعنية بتنفيذ أو تفعيل أي بند أو توصية نصت عليها الاستراتيجية التي باركها - عند انطلاقها - جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
الاستراتيجية تضمنت محاور مهمة لتحريك طاقات الشباب باتجاه تنموي يدمجهم في الدولة والمجتمع بشكل يتناسب والرؤى المتطورة المطروحة على مستوى الأمم المتحدة، ولكن كما أشارمسئول أممي - عند إطلاق الاستراتيجية - أنه إذا كانت هناك سلطة تنفيذية غير جادة في تنفيذ المشروعات التي تعاونت من أجلها مع الأمم المتحدة فلن يتحقق شيء، موضحا أن الأمم المتحدة تمثل بيوت خبرة (بالنسبة لإعداد استراتيجيات وطنية) ولكنها لا تستطيع إلزام أي دولة بتنفيذها بعد الانتهاء من إعدادها.
ومن ضمن الاستراتيجية «مبادرة الهوية الوطنية البحرينية»، التي كان من المفترض أن يتم تنفيذها بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف «تثبيت الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية البحرينية العربية الإسلامية»، و«خلق جيل من الشباب يتمتع بمهارات قيادية تنبع من روح المواطنة الصالحة». هانحن دخلنا العام 2009 ولم يبدأ بعد العمل بالاستراتيجية الوطنية للشباب، وبدلا من تلك الآراء السليمة والجميلة التي نحتاجها، فإن بلادنا تصرف من موازنتها آلاف المرات أكثر مما كانت ستصرفه على الاستراتيجية الشبابية، ولكن في اتجاه سلبي نشاهد بعضه بصورة متكررة عند مداخل الأحياء السكنية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2360 - الجمعة 20 فبراير 2009م الموافق 24 صفر 1430هـ