العدد 2360 - الجمعة 20 فبراير 2009م الموافق 24 صفر 1430هـ

«القانونية» والشملاوي يستندان لأحكام قضاء دولية لإثبات حُجيّة موقفهما

استمر كل من مقدم الطعن في مرسوم تقسيم الدوائر الانتخابية المحامي عبدالله الشملاوي (وكيلا عن أحد المواطنين)، ودائرة الشئون القانونية (ممثلة للحكومة)، في تقديم الدفوع والحجج القانونية أمام القضاء، مستندين في ذلك إلى أحكام نقضٍ عدة صادرة عن محاكم تمييز ومحاكم إدارية في البحرين ومصر والكويت وغيرها، ويأتي ذلك في محاولة طرفي القضية الجاهدين لإثبات قانونية موقفهما بشأن المرسوم موضوع الدعوى، فيما يبقى الحكم للقضاء. وكانت محكمة أول درجة قضت برفض الدعوى المرفوعة، إلا أن الشملاوي لم يرتضِِِ الحكم وتقدم باستئنافه.

وفي آخر تطورٍ شهدته الدعوى، صمّم مقدم الطعن في مرسوم تقسيم الدوائر الانتخابية المحامي عبدالله الشملاوي - في رده على مذكرة دائرة الشئون القانونية الأخير والمقدمة إلى المحكمة - على طلباته الواردة في لائحة الاستئناف، وطلب الشملاوي من المحكمة الحكم بما أورده من طلبات، والمتمثلة في:

1) تكليف دائرة الشئون القانونية بتقديم المعايير والاعتبارات كافة التي رسمت على أساسها جميع الدوائر، مع بيان شواهد توافر هذه المعايير في خصوص الدوائر التي تمت مراعاتها فيها، وعدم توافرها في خصوص الدوائر التي لم تطبق فيها.

2) ندب خبير رياضي (محاسبي) لبيان الدوائر الانتخابية التي يكون فيها الفرق بين أعداد الناخبين في حدود 20 في المئة، والدوائر الانتخابية التي يزيد أو يقل الفرق فيها بين عدد الناخبين عن 20 في المئة، ومقارنة نسبة زيادة عدد الناخبين في دائرة المستأنف مع غيرها من الدوائر الانتخابية في مختلف المناطق الانتخابية وفقا لترسيم الدوائر الانتخابية الحالي.

وعلى سبيل الاحتياط الكلي طالب المحامي الشملاوي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم دستورية المادة 17 من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، والتصريح للمستأنف بالطعن أمام المحكمة الدستورية على دستورية المادة 17، ووقف الدعوى لحين الفصل في الدعوى الدستورية.

وردا على دفع دائرة الشئون القانونية المتمثل في سقوط حق المستأنف في الطعن على المرسوم الطعين، قال الشملاوي في مذكرته الدفاعية: «الثابت أن قانون السلطة القضائية الصادر بموجب المرسوم بقانون رقم 42/2002 لم ينص على مواعيد محددة يتوجب على كل ذي مصلحة الطعن على أي من القرارات الإدارية قبل انقضائها، كما أن قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي يعتبر الشريعة العامة لإجراءات التقاضي خلا هو الآخر من مثل هذا التحديد، وكان من المستقر فقها وقضاء أن وجود مثل هذه المواعيد ليس من المبادئ ولا القواعد العامة للقانون الإداري، وذلك على سند من ثبوت تباين مواقف النظم القانونية المختلفة والتشريعات الوطنية بشأن تبنيها من عدمه، وعلى سند من أن التزام القضاء الإداري في بعض الدول بعدم قبول الطعن على القرارات الإدارية بعد انقضاء ميعاد 60 يوما من علم الطاعن بها راجع إلى التزامه بتطبيق نص قانوني وارد في تشريعاته الوطنية المنظمة للدعاوى الإدارية».

وأضاف الشملاوي «من المستقر أن الركن المادي للعرف القانوني يقوم على ثبوت اعتياد الأفراد على تطبيق قاعدة معينة على سلوكهم الاجتماعي بشكل متواتر ومطرد، وأنه لا يتحقق هذا الركن لمجرد تواتر أحكام القضاء على تطبيق هذه القاعدة مادام هذا التواتر ليس مرجعه اعتياد الأفراد على تطبيقها، وكان من المستقر أيضا أن الركن المعنوي يقوم على ثبوت اعتقاد الناس بإلزامية تطبيق هذه القاعدة لاعتيادهم على ذلك واستحقاق من يخالفها الجزاء القانوني المقرر لهذه المخالفة، وأنه لا يتحقق هذا الركن إذا كان التزام الناس ليس راجعا لاعتقادهم هذا وإنما لوجود نص تشريعي يفرضه».

واستند الشملاوي في دفعه إلى ما قضت به «المحكمة الإدارية العليا المصرية ومحكمة التمييز البحرينية بأنه لا يجوز للقضاء أن يبتدع مواعيد قانونية لسقوط الحق في رفع الدعوى، وأن مثل هذه المواعيد محكومة بما تنص عليه التشريعات».

وعن ركون دائرة الشئون القانونية إلى حكم صادر من محكمة الاستئناف العليا، رد الشملاوي: «لا يغير من ذلك شيء، وذلك على سند من أن ما ردده هذا الحكم بشأن مواعيد الطعن على القرارات الإدارية يخالف قضاء محكمة التمييز، ومن ذلك ما أكدته محكمة التمييز».

وعن الدفع الذي أبدته القانونية المتمثل في أن مرور 5 سنوات على صدور المرسوم من دون طعن المستأنف يفيد قبوله به، قال الشملاوي: «إن استخلاص مثل هذا القبول لا يكون إلا بثبوت صدوره عن الطاعن بشكل صريح وهو الأمر المنتفي في هذه الدعوى أو بثبوت صدوره بشكل ضمني من خلال سلوك الطاعن بعد تحقق علمه الفعلي بالقرار لمسلك يفهم منه قبوله به، وهو الأمر المنتفي في هذه الدعوى أيضا، وخصوصا في ضوء أن المستأنف كان ممن قاطعوا انتخابات 2002 احتجاجا على المخالفات الدستورية الجسمية التي ارتكبت في العام 2002، وهيمنة السلطة التنفيذية على الحياة السياسية، وفي ضوء أن مثل هذا القبول الضمني في صدد القرارات الفردية التي يرد عليها مثل هذا القبول لا يمكن التعويل على العلم المفترض الناشئ عن النشر في الجريدة الرسمية لاستخلاصه، وإنما لابد من ثبوت تحقق العلم الفعلي بالقرار، وكذلك على سند من أن القرارات اللائحية ليست ذات أثر فوري يمكن لمن أضير منها أن يحيط فور علمه بها بحقيقة ما شابها من بطلان، وإنما هي قرارات ذات أثر مستمر التطبيق بشكل لا يمكن أن يحيط كل فرد بحقيقة ما شابها من بطلان عند بدء سريانها، وإنما عند ممارسته للنشاط المنظم بموجبها وتصادمه مع التنظيم المقرر بموجبها، وخصوصا في ضوء أنه من المستقر في قضاء الدول التي نصت تشريعاتها الوطنية على مواعيد للطعن على القرار الإداري بأن هذا الميعاد لا يحتسب إلا من وقت تحقق المصلحة العملية للطاعن في الطعن عليه بغض النظر عن تاريخ صدوره أو سريانه».

وبشأن دفع دائرة الشئون القانونية بعدم اختصاص المحكمة ذكر الشملاوي في مذكرة رده «من المستقر قانونا أنه متى قضت محكمة أول درجة باختصاصها بنظر الدعوى الصادر فيها الحكم محل الطعن المنظور من المحكمة ولم يستأنف الخصم الذي تمسك أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاص المحكمة هذا القضاء، سواء باستئناف أصلي أو فرعي بعد أن فتح له المجال للاستئناف الفرعي واستقرت مصلحته في استئناف هذا القضاء بسبب وجود الاستئناف الأصلي من خصمه، فإنه لا يكون للمستأنف عليه إعادة طرح هذه المسألة من جديد في دفاعه أمام محكمة ثاني درجة، وليس للمحكمة الناظرة للطعن التصدي للفصل في هذه المسألة من جديد، لما في ذلك من مساس بما حازه قضاء المحكمة في شقه الخاص باختصاصها بنظر الدعوى من حجية الشيء المقضي به التي لا يمسها الأثر الناقل بشيء، كون أن هذا القضاء الصادر من محكمة أول درجة مستقل عن قضائها في موضوع الدعوى».

واستدرك «من الثابت أن المستأنف ضده لم يستأنف حكم محكمة أول درجة الصادر في الدعوى فيما يتصل بقضائه ثبوت اختصاص القضاء بنظر الطعون التي توجه للمرسوم الطعين وباختصاص المحكمة نوعيا بنظر الطعن، سواء باستئناف أصلي أو باستئناف فرعي، فإنه يكون من البين أنه حري بعدالة المحكمة أن تلتفت عن تمسك المستأنف ضده أمامها بدفوعه المتصلة باختصاص القضاء على وجه العموم والمحكمة بنظر الطعن والتي سبق أن قضى الحكم المستأنف عليه برفضها وانعدام سندها من القانون بقضاء صريح».

وعن القول إن اللوائح التنفيذية لا ينعى عليها إلا بعيب مخالفة القانون، قال المحامي عبدالله الشملاوي: «هذا قول ظاهر البطلان، ولا يقول به أحد في الفقه ولا القضاء، إلا أنه تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن دائرة الشئون القانونية تقر في مذكرتها بخضوع اللوائح التنفيذية إلى المبادئ العامة للقانون، وهو نعي المستأنف ذاته على المرسوم الطعين، إذ إنما ينعى على الحكم الطعين مخالفته المبادئ العامة للقانون». وأشار الشملاوي في مذكرته إلى أن «دائرة الشئون القانونية لم تعرض النص الكامل للمادة 39/أ من الدستور، إذ ادعت أن النعي الجائز على اللوائح التنفيذية هو مخالفتها للقانون بأن تضيف له جديدا أو تعدل في أحكامه، في حين أن النص الدستوري بين صراحة وجوب أن لا تتضمن اللوائح التنفيذية تعطيلا للقوانين التي تصدر تنفيذا لها، ومفهوم التعطيل مفهوم واسع، وقد يكون من خلال تفريغ القانون من محتواه، كما هو الحال الذي نحن بصدده، إذ خرج المرسوم الطعين على أهداف القانون الصادر تنفيذا له، وابتعد عن المبادئ العامة المقررة في القانون، وتعدى ذلك ليقرر نوابا عن الكثبان الرملية، ويقيس المسافات بين المناطق ويوزع النواب على اعتبار السيادة، ومن دون أي ضابط في ذلك، فصحيح أن المرسوم الطعين لم يضف إلى القانون أو يعدل أحكامه من زاوية معينة، إلا أنه فرغ القانون وعطله، بحيث صار ترسيم الدوائر اعتباطيا لا ضابط له».

وبخصوص القول إن القانون لم يضع قيودا في شأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية، ردّ الشملاوي: «هذا دفاع يؤكد ما ذهب إليه المستأنف من دفع بعدم دستورية هذا النص على سبيل الاحتياط، وذلك على النحو الذي سنبينه تاليا، إلا أنه ومع التسليم بأن القانون لم يضع قيودا، إلا أن القانون لم ينص على استثناء ترسيم الدوائر من الخضوع للمبادئ العامة للقانون، والتي تم بيانها تفصيلا في لائحة الاستئناف، وعرضت بشكل واضح أمام محكمة البداية، فإذا ما أغفلت أو تغافلت السلطة التنفيذية في رسمها الدوائر هذه المبادئ ولم تتقيد بها، فإنها تكون بذلك قد خرجت على المبادئ العامة للقانون بما يوصم قراراتها بمخالفة القانون، وبما يوجب إلغاء هذه القرارات».

وأوضح «نكرر مرارا أن المستأنف لم ينع على القرار الطعين عدم مراعاته المساواة الحسابية، وإنما عدم تحققيه لأية مساواة نسبية على النحو الذي بينها وقررها الحكم المستأنف، فالحكم المستأنف قرر وجوب تحقق المساواة النسبية، إلا أن أي شخص بعقل وتجرد لابد أن يجيب بعدم وجود أية مساواة نسبية ولا غير نسبية في دائرة يكون عدد أفرادها أكثر من 15 ألف ناخب، ودائرة أخرى لا يتجاوز عدد ناخبيها 1200 ناخب»، متسائلا: «فهل تتساوى الدائرتان في العدد نسبيا؟».

وبشأن رد دائرة الشئون القانونية على التفاوت العددي الناجم عن عدم انضباط معايير ترسيم الدوائر، أكد الشملاوي «إنه يؤكد ما ذهبنا إليه من أن السلطة التنفيذية في رسمها الدوائر الانتخابية قد انحرفت عن الهدف المخصص للانتخاب، بحيث أصبح المعيار في منح المقاعد البرلمانية تعزيز السيادة وكميات الكثبان الرملية، ولم تقدم ممثلة المستأنف ضده نموذجا واحدا لما ادعت أنه موجود في كل الأنظمة العربية والأجنبية، بل إن المستأنف قد قدم أمام محكمة البداية ما يخالف هذا القول، إذ لا توجد دولة في العالم تنحى المنحى الذي أخذته السلطة التنفيذية في رسمها الدوائر الانتخابية».

وفيما يخص القول إن الدعوى بصدد قانون وليس لائحة، الأمر الذي يخرج المرسوم عن ولاية القضاء الإداري، قال الشملاوي: «هذا القول تم الرد عليه تفصيلا أمام محكمة البداية»، لافتا في هذا الصدد إلى «قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر بتاريخ 3 يوليو/ تموز للعام 2002، بينما صدر المرسوم الطعين بتاريخ 21 أغسطس/ آب للعام 2002».

وفي موضوع الصفة، وما أبدته دائرة الشئون القانونية ودفعها بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المستأنف، ذلك أن المرسوم الطعين لم يحرمه من الإدلاء بصوته، ذكر الشملاوي في مذكرته «ذلك مردودٌ عليه بأن المستأنف لم يقم طعنه على أساس أن المرسوم قد منعه من الانتخاب، وإنما أقام طعنه على أساس أن المرسوم الطعين قد أثقل حقه السياسي بقيود مخالفة للقانون تهدر من قيمته، وبموجب ذلك يثبت له الصفة والمصلحة متى كان ممن يمتلك ممارسة هذا الحق السياسي، ومردود عليه بأن هذا القول الذي ركنت إليه لا يمس صحة ما أستند إليه الحكم المستأنف عليه في رفضه لدفعها بشيء».

العدد 2360 - الجمعة 20 فبراير 2009م الموافق 24 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً