في أسبوع واحد توفقت لالقاء محاضرتين، الأولى: كانت في جامعة البحرين التقيت خلالها رئيسة الجامعة وتبادلنا حديثا شيقا عن الثقافة ودور الشباب وكذلك عن المرأة وخصوصا البحرينية... بعد ذلك جلست لالقاء محاضرتي التي كانت عن الطالب الجامعي والعولمة. لقد لفت انتباهي الحضور الطلابي المكثف وسعدت لذلك؛ لأني شعرت بأن الثقافة مازال لها مريدوها... كنت أعتقد أن حضور الطلبة سيكون أكثر من حضور الطالبات، لكني وجدت العكس، إذ إن ثلثي الحاضرين والمتداخلين من الطالبات... العنصر النسائي كثيف بشكل يبشر بخير. مداخلات الطلبة والطالبات كانت مثمرة وكانت تحمل إشكالات كثيرة على واقع الثقافة وكيف أصبحت ثقافة غربية. تطرقنا إلى كثير من القضايا: العولمة الثقافية وخصوصا الأميركية منها، وكيف أصبحت تغزو العالم. تخللت المحاضرة بعض المداخلات اللطيفة والمثمرة في الوقت نفسه، ولا شك أن مداخلات أساتذة الجامعة أغنت اللقاء وأضفت على اللقاء مزيدا من المعرفة والعلم. كان الجميع يلتقي في أمور ويختلف في أخرى، ولكن أدب الحوار هو الذي كان سائدا وهو يعكس تحضر الجميع. خرجت من الجامعة مسرورا حقيقة لكل هذا التفاعل، والجميع شكر جامعة البحرين وعلى رأسها رئيسة الجامعة مريم آل خليفة على هذا اللقاء. واللقاء إضاءة جميلة ومبادرة كريمة من إدارة الجامعة، وخطوة موفقة لفتح آفاق أخرى للجامعة لسماع أصوات متنوعة تسهم في صوغ مناخ تعددي... وهذا ما حدث إذ كان الحوار متنوعا، وكل أبدى رأيه... التقينا في نقاط واختلفنا في نقاط، لكننا اجتمعنا على نقطة جوهرية وهي العمل لصالح المواطن البحريني والوطن.
والشكر موصول أيضا للأخ خالد بومطيويع الذي كان له دور أيضا في خلق مثل هذه الفعاليات المتنوعة في الموسم الثقافي للجامعة، فهو أستاذ جامعي كانت له آراء مشجعة على الحوار. طبعا الأخ جاسم العجمي دائما ما يتحفنا بثقافته الممتدة والواسعة وخصوصا في القضايا الاقتصادية، فقد كان له حضوره هو وبقية الاساتذة.
أما عن المحاضرة الثانية فكانت عبر منتدى أصيلة بمعية مجموعة من المفكرين العرب والبحرينيين: الانصاري، الرميحي، حسن مدن، وزير خارجية المغرب محمد بن عيسى والمفكر العراقي المعروف العطية. كان طرح هؤلاء المفكرين متميزا واستطاعوا أن يحلّقوا بنا على مساحات أخرى للثقافة والفكر... كلٌّ كانت له مقارباته وهمومه، ولكن ما لفت انتباهي عدة أمور لن أستطيع ذكرها كلها لأترك مجالا للصحافة لتغطيتها... النقطة الأولى هي ما طرحه الأنصاري عندما وصف حال الوضع العربي فقال ما مضمونه: نحن نعاني من معضلتين المعارضة الرافضة والموالاة الراكعة، أي أنه كان ينتقد ظاهرة المعارضة لأجل المعارضة، وفي المقابل تلك الموالاة الراكعة التي تجمل القبيح وترى الفساد مكسبا لأجل المصالح الشخصية. الاصلاح يعني أن نصحح الخطأ ونستثمر الصواب بإعطاء المرحلة عمرها الافتراضي حتى لا ينطبق علينا المثل الشعبي «جمعتها الغزالة واكلتها السبالة»، كما يتردد ذلك على لسان أحد مثقفينا العرب.
أما النقطة الثانية فكانت مقولة محمد بن عيسى إذ قال: «كان الوضع في السابق أنه ليس بإمكان أحد نقد الوزير، أما الآن فتغير الحال». عقّبت على كلامه مسقطا مقولته على البحرين فقلت له: «كنا في السابق - أيام قانون أمن الدولة - لا نجرؤ على أن ننتقد عنزة الوزير فضلا عن الوزير، أما الآن فنحن نستجوب وزراء، ولكن لن يكتب لنا ذلك بوجود نواب مستوزرين أشد من الوزير، ولكن سيكون ذلك بوجود نواب وطنيين على شاكلة بعض النواب الحاليين واذا ما تمت مراجعة الموقف السابق للمعارضة مستقبلا». هذه اللقاءات الثقافية والحوارات الجادة ما كانت لتتم لو كنا في زمن أمن الدولة لهذا يجب أن نستثمر الاضاءات ونشجعها. نجاح قضية الشهيد محمد جمعة مكسب وإضاءة جديدة يجب الوقوف أمامها طويلا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 602 - الخميس 29 أبريل 2004م الموافق 09 ربيع الاول 1425هـ