بدأت نوايا إعداد «خطة وطنية» لتعزيز حقوق الإنسان، بالورشة التي أعدتها أخيرا الجمعية البحرينية لحقوق الانسان في 13- 15 أبريل/نيسان، ولن تتحول النوايا إلى «حقائق ملموسة» إلا «بالقرار السياسي».
تشكيل «اللجنة التنسيقية» الآن مرهون بموافقة البرلمان والحكومة على فكرة «إعداد الخطة». وعلى رغم التجاوب الذي أبدته وزارة الخارجية بشأن «الخطة»، و بعض الجهات الحقوقية مازالت قلقلة، وتترقب صدور القرار.
وقالت الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الانسان سبيكة النجار «رفعنا نتائج الورشة التي تقتضي الموافقة على إعداد الخطة الوطنية إلى وزير الدولة للشئون الخارجية محمد عبدالغفار، وحالما نتلقى الرد سنبدأ بالعمل». واكدت ان «اعداد الخطة الوطنية» يحتاج إلى قرار سياسي، لذلك «سنرفع مطالبنا إلى جلالة الملك، ورئيس الوزراء».
إلا أن نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان عبدالهادي الخواجة، لفت إلى أن وضع «الخطة الوطنية» يحتاج «إلى جهود عملاقة»، «والورشة التي نُظمت أخيرا، ناقشت الأطر العامة، وضرورة وضع خطة وطنية، ولكنها لا تُنبئ بقرب إعداد الخطة، نتيجة المراحل التي لابد أن تمر بها».
الخطة الوطنية
الخطة الوطنية كما عرَّفها كتيب أصدره مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان «عبارة عن أداة عملية لدراسة الواقع دراسة نقدية متمعنة، وتجميع الإمكانات وتوحيدها ووضع استراتيجيات تحرك بذلك مختلف الفاعلين الاجتماعيين لضمان حماية حقوق الانسان، ونشر الوعي بها». وقد نظمت المفوضية السامية «مؤتمر بانكوك» العام 1999 الذي وضع أسس الخطط الوطنية. وكانت استراليا أول دولة تضع خطة لحقوق الانسان للفترة 1994 و1998، وأكملت فلسطين خطة وطنية توقف إنجازها بسبب الاوضاع القائمة.
اللجنة التنسيقية
ومن أبرز ما يجب القيام به للشروع في إعداد الخطة، هو تشكيل «لجنة تنسيق» تدرج الانتهاكات وترصدها وإمكانات الدولة، لتعزيز حقوق الانسان، ولابد أن تشمل التمثيل الحكومي والأهلي.
ولابد أن تشمل اللجنة «الوزير المسئول، البرلمانيين، «الجهة المحورية»، الجهات الحكومية ذات الصلة: الصحة، التعليم، العدل، العمل، الداخلية، الشئون الاجتماعية، والجهات الأمنية كالجيش والشرطة، اللجان الوطنية لحقوق الانسان، والمنظمات غير الحكومية، ممثلي الفئات المهمشة، المؤسسات المجتمعية الأخرى المعنية بالخدمات، النقابات والاتحادات المهنية، اخصائي حقوق الانسان والاكاديميين، والمعلمين والباحثين، والإعلام، والقطاع الخاص، وممثلي المنظات الدولية».
وعن ذلك أوضحت النجار أن «اللجنة ستحوي كل الأطراف، الحكومية والمعارضة، ولن تكون الغلبة لأي طرف». وأثير الكثير من الجدل عن التمثيل الحكومي في الورشة التي نظمتها الجمعية اخيرا، إذ طفت على السطح وجهات نظر تدعو إلى «تكثيف التمثيل المعارض على الحكومي، وذلك للحد من سيطرة السلطة التنفيذية»، إلا أن البعض لم يستسغ ذلك، مفضلين «التوازن».
اختصاصات اللجنة التنسيقية
تختص اللجنة بالاشراف على تأطير الخطة وفق الحاجيات المحلية، والمعايير الدولية، ووضع الدراسة الأساسية بشأن حقوق الانسان، وجمع المعلومات اللازمة، والخطط الأخرى القائمة كالخطة الاقتصادية وخطة التعليم وخلافها ووضع أهداف واستراتيجيات ومناهج عمل الخطة والأولويات والبرامج، والرصد، والمتابعة، والاعداد للاجتماعات التشاورية، وحلقات النقاش، والاجتماعات العامة، وتقديم الخطة بعد إعدادها، للموافقة عليها، وتوزيعها واعداد البرنامج الاعلامي عنها ونشر الوعي بها، وإعداد التقارير عن سير ها.
وبشأن مسئولية المبادرة، بيَّن كتيب المفوضية السامية ضرورة «أن تبادر جهة حكومية محددة، كوزارة العدل، أو الخارجية أو كمكتب الرئيس تكون محور الاعداد للخطة الوطنية، وفي بعض الأحوال قد تكون تلك الجهة هي «اللجنة الوطنية» لحقوق الانسان، ففي جميع الأحوال تكون تلك هي الجهة المسئولة عن تنفيذ الخطة، ولابد لهذه الجهة أن تمنح من الموارد والسلطات كل ما هو ضروري لإنجاز أعمالها. ويجوز أن تكون هناك جهة محورية موازية تمثل المجتمع المدني».
نجد أن هناك خلطا كبيرا ما بين «الخطة الوطنية» و«اللجنة الوطنية»، و«لجنة التنسيق»، فاللجنة التنسيقية هي التي تعد «الخطة الوطنية»، وقد تكون «اللجنة الوطنية» ممثلة في «لجنة التنسيق».
اللجنة الوطنية
نحن نفتقد إلى «اللجنة الوطنية»، وهي عامل أساسي ومحوري وقد تسهل الكثير من الأمور، وعن ذلك قال الخواجة «في الغالب تُنشأ هذه اللجنة عن طريق البرلمان، وأحيانا بقرار حكومي، بشرط ضمان استقلاليتها، وتخصص لها موازنة، وتلعب دورا أساسيا في اللجان التنسيقية لاعداد الخطط الوطنية، ومن أهم مواصفات اللجنة الوطنية أن تضم مختلف الإنتماءات والتوجهات السياسية، وأن تكون لديها صلاحيات متوافقة مع مهامها، وأن تتوافر لديها موازنة، تمكنها من أداء أعمالها». وركز على ضرورة «الاستقلالية». و«نبل الأطراف المشاركة بها». وأخيرا حدث الكثير من اللبس، إذ طرح عدد من مجلس الشورى مقترح إنشاء «لجنة وطنية لحقوق الانسان». وما لبث هذا المقترح أن يتغير إلى «مجلس إستشاري لحقوق الانسان». ما يعني إنه لا يوجد وضوح في الرؤية، وربما لأن المجال يحتاج إلى المزيد من البحث والتقصي والتخصص.
الخطة الوطنية الفلسطينية
وبنظرة مقتضبة على الخطة الوطنية الفلسطينية لحقوق الانسان والتي أعدها مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في فلسطين، تحت إشراف هيئة شئون المنظمات الأهلية، ووزارة التخطيط، حددت وسائل تحديد الاحتياجات المالية، ومصادر المعلومات، وقسمت القطاعات المستهدفة الى ستة أقسام، وهي «الاسكان، والصحة، التعليم، الرفاه الاجتماعي، البيئة، وادارة العدالة». ووضعت أسس للتنفيذ والمتابعة.
وما ميز الخطة الفلسطينية أنها حددت في كل قطاع «الاشتراطات الدستورية والقانونية، الالتزامات الدولية، الوضع الراهن والسياسيات الرسمية، التشريعات، الصعوبات والتحديات وكيفية مواجهتها، المؤسسات ذات العلاقة وأدوارها، الاحتياجات والمصادر المالية، الأولويات، وآلية تنفيذ الخطة، وأخيرا الرقابة»
العدد 602 - الخميس 29 أبريل 2004م الموافق 09 ربيع الاول 1425هـ