دعا خطيب جامع أبي بكر الصديق الشيخ علي مطر في خطبته أمس إلى إقامة العدل في جميع مناحي الحياة ومن جميع أفراد المجتمع، عازيا سبب المشكلات والنعدام الثقة إلى غياب العدل.
وأضاف أن عدم تحقيق العدل واقامته على الوجه الأكمل والصحيح والإخلال به وعدم تطبيقه في جميع مناحي الحياة ومن جميع أفراد المجتمع سبب للمشكلات والاضطرابات والقلاقل وانعدام الأمن وحصول الفتن، والخوف والقلق النفسي والشقاء، والفوضى والتمرد وانشغال البال وتعطل المصالح.
وأوضح أن من أسباب انعدام الثقة بين الموظف والمسئول، وبين المدرس والطالب، وبين رب الأسرة وأفرادها، وبين الرئيس والمرؤوس والحاكم والمحكوم- عدم تطبيق العدل على وجهه الأكمل والصحيح.
قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى...». (المائدة: 8)
أي لا يحملنكم بعض قوم على ترك العدل فيهم وكتم الشهادة التي تنفعهم.
فكم من أمة زالت من مسرح التاريخ إلى كتب التاريخ بسبب عدم تحقيق العدل الذي أمر الله عز وجل به والشواهد كثيرة، ومنها على سبيل المثال سقوط الدولة العثمانية حيث كان السلاطين يعيشون في الترف والملذات بينما كانت شعوبهم تصرخ وتعيش في حاجة وفقر.
فالعدل واجب ومطلوب في الحكم والقضاء وأداء الشهادة والوظائف وتوزيع الثروات، والترقيات والمستحقات والحوافز والعلاوات، وتطبيق الحدود والعقوبات والقوانين، والعدل بين الطلاب، وفي الأقوال والأفعال والمواقف والعدل بين الأهل والأولاد، كما أن العدل مطلوب في نقل الاخبار وفي التزكية ونحوها.
قال الله تعالى في سورة النساء أية 58: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل».
وقال سبحانه في سورة النمل أية90: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون».
وقال تعالى في سورة المائدة آية 42: «وإن حكمت فاحكم بينهُم بالقِسط إن الله يحب المقسطين».
وقال جل في علاه في سورة الأنعام آية 152: «... وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى، وبعهد الله أوفوا، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون».
وقال رسول الله (ص): «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم». فهذا الحديث يدل على وجوب التسوية بين الأولاد في العطية والهبة ونحوهما. كذلك وجوب التسوية والعدل بين الموظفين، ووجوب التسوية والعدل بين الرعية.
وقال الإمام ابن القيم : «التوحيد والعدل هما جماع صفات الكمال»، فالعدل أساس الملك، والعدل من أسباب دوام الملك وعدم زواله.
وكما قيل إن دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة.
وقد جرت سنة الله في الخلق انه سبحانه ينصر الأمة العادلة الكافرة على الأمة المسلمة الظالمة.
وقال بعض الخلفاء وهو يوصي ابنه: آثر الحق وحصن مملكتك بالعدل، فإنه سورها المنيع، الذي لا يغرقه ماء، ولا تحرقه نار، ولا يهدمه منجنيق.
ولما توفي الخليفة عمر بن عبدالعزيز، بكى عليه إمبراطور البيزنطيين بكاء أذهل حاشيته وأساقفته، فقال لهم لما سألوه عن سبب بكائه: مات والله ملك عادل ليس لعدله مثيل.
فلنحقق العدل في أنفسنا وأقوالنا وأفعالنا ومواقفنا. ولنبشر عندها بالأمن والأمان والاستقرار وفتح بركات السماء والأرض. والعيشة الطبية الهيئة والسعادة الحقيقية... والتقدم والازدهار.
العدد 2360 - الجمعة 20 فبراير 2009م الموافق 24 صفر 1430هـ