أكد الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس (الجمعة) بمسجد الإمام الصادق (ع) بالدراز أن الحوار حاجة إلى الحكومة قبل كونه حاجة إلى الشعب، وذلك للخروج بالبلد من الوضع الأمني المتأزم.
وقال قاسم: «إن كان من سجن ويسجن من المواطنين في أمر السياسة، وتعذيب من عذب ويعذب منهم... سجن لمن ومحاكمة لمن وتعذيب لمن؟ هل السجن لهم فحسب أو للشعب كله؟ وإذا كان وراء سجن المسجونين ومحاكمتهم وعذابهم خلفية من المطالبة بحقوق الشعب وإنصافه، والتعبير عن معاناته، وضائقته، وعن ضميره، عنى ذلك أن السجون (...) إنما هي متوجهة أساسا وبدرجة إلى الشعب نفسه، وحقوقه ومطالبه وكرامته ومصيره ومصالحه واستقراره وأمانيه وآماله، وإنه المستهدف قهره وإلغاء إرادته. ولأن الشعب يفهم هذه اللغة، فصارت صرخته من منطلق الحركة والمطالبات السلمية وبروح الإصلاح والتمسك بها».
وتابع «لذلك نطالب بإيقاف التنكيل إنكارا للمنكر وحفاظا على حرمة الحقوق وتمسكا بضوابط الدين وكرامة الإنسان، ويعزز هذه المطالبة والإصرار عليها أننا أمام شعب واعٍ متعقل لطالما رفع شعار الحوار الهادئ لتجنيب البلد كل المآزق والمنزلقات المؤسفة. وإن إطلاق قيد المسجونين والمحكومين في القضايا السياسية من حسن مشيمع، والشيخ حبيب المقداد، مطالب أساسية».
وأكد قاسم «نحن حريصون على تجنيب الوطن أن يكون ساحة صراع أو حتى ساحة عبارات منفلتة تلقيه في واد سحيق من المنزلقات، وإذا تحدثنا مرات متكررة عن الحوار وإنما الحوار حاجة حكومة معه، وإذا شعرت الحكومة أن الحوار لا طائل منه والقوة تكفيها، لكان ذلك كاف لبرهنة أن الحكومة بعيدة عن الاستفادة من تجارب الشعوب (...) وهذا المنطق كان عاجزا عن تحقيق الاطمئنان للحكومات في زمن ما قبل نهوض الأمة، فكيف به في زمن ما بعده».
المساجد لا تعطل
وتحدث قاسم عن موضوع المساجد قائلا: «المساجد لا تعطل دائما ولا مؤقتا ولا كليا، والمساجد لا تدان ولا تعاقب، وتوقيف المسجد عن وظيفته الشرعية تعد عليه ومخالفة دينية من مرتكبه. ووظيفة المسجد دائما شرعية وفي خدمة الشريعة، وتوقيف المسجد وتكييفها (وظيفته) إنما هي بيد الله وتوظيفها لأهدافه. وإمامة الجماعة وأوصاف المتولي لها، موضوع فقهي وأحكامه جلية، والإمامة في زماننا يختار المصلون طبقا للضوابط الشرعية. والمتقدم للصلاة، فللمؤمنين الصلاة بصلاته أو عدمها».
ونوه «لا دخل من الناحية الشرعية لأية جهة في اختيار الإمام صنفا أو شكلا، وعليه فيجب في موضوع الصلاة في مسجد الإمام الصادق (ع) ألا تتعطل الصلاة فيه ولو لفريضة واحدة، وأن يكون تعيين إمام الجماعة بيد المأمومين بلا دخل للجهة الرسمية، ونطالب بأن يتم ذلك بصورة هادئة وطبيعية ومن دون أي مشاكل أو تسبيب توترات. ولماذا يزرع القرار السياسي في كل زاوية مشكلة ويلغم الأجواء بالمتفجرات».
وقال: «كون الخطاب دينيا يعني كونه كذلك رؤية وهدفا وتوجها ومضامين وخلقا، ويتبع الدين في الموضوعات المتناولة له ضيقا وسعة، فلو ضاق الدين موضوعات ضاق، وإذا اتسع الدين في موضوعاته اتسع المسجد في موضوعاته. ولما كان الإسلام دين فرد ودولة وآخرة ودنيا، كان الخطاب الديني خطاب إصلاح للناس في دينهم ودنياهم. والمسجد كما هو الإسلام تماما، لا يقبل الأقفاص الفكرية والتحديدات من أهل الأرض وإنما إطاره من رب المسجد».
ولفت قاسم «من أراد أن يحاكم الخطاب الديني ومصدره لكلامه بلغة الإصلاح في السياسة ومعالجته لبعض شئونها ومقاربته لموضوع الساحة، فعليه أن يحاكم الدين القاضي نفسه، قبل أن يحاكم المسجد وخطيبه. والشعب الذي اختار الدين، وكل وثيقة رسمية كميثاق أو دستور جعله مصدرا رئيسيا للتشريع، وكما هو الحال مع هذا البلد والدستور اللذي تتحدث باسمهما الحكومة. والخطاب الديني بصفته دينها، حين يكون تحديد ضوابطه وموضوعاته وما يجوز له بيد السياسية».
وقال: «فهناك تهافت واضح بأن تقول عن الخطاب ديني، وأن تصفه بهذا الوصف وأنت تخضعه لمقررات السياسة ومصالحها. إلا أن تكون تلك السياسة دينية خالصة من ألفها إلى يائها. وبصورة شاملة صادقة كما هو الشأن في سياسة الرسول (ص)».
العدد 2360 - الجمعة 20 فبراير 2009م الموافق 24 صفر 1430هـ