العدد 601 - الأربعاء 28 أبريل 2004م الموافق 08 ربيع الاول 1425هـ

سورية... في دائرة الخطر

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

لاشك في أن كثيرا من الالتباسات أحاطت بالعمل الإرهابي الذي شهدته دمشق أمس الأول، وستمر عدة أيام قبل ان تظهر الصورة الكاملة والواضحة لما حدث في دمشق. والأمر في هذا لا يتصل فقط بغياب المعطيات التي أحاطت بما حدث، بل أيضا بواقع الارتباك الرسمي الإعلامي والأمني الذي أحاط بالحادث، وجعل الأسئلة أكثر مما كان متوقعا.

ولا تمنع الالتباسات المحيطة بالحادث السوري من الوقوف عند بعض المعطيات والدلالات الخطيرة التي حملها الحادث.

إن الأهم في دلالات الحادث السوري الأخير، انه الحادث الأول من نوعه الذي يقع في سورية منذ سنوات طويلة، إذ يعود تاريخ آخر الأعمال الإرهابية في دمشق الى العام 1998، عندما جرى تفجير حافلة للركاب أودت بحياة عشرات، وجرحت آخرين مثلهم، ووجهت الاتهامات في حينه الى «عملاء إسرائيليين» في إشارة رسمية الى من اتهمتهم السلطات القيام بذلك العمل.

وثاني الدلالات المهمة التي حملها الحادث السوري، انه وعلى رغم خطورة محتواه، فإنه بسيط من حيث نتائجه، وبهذا المعنى فقد كان حادثا إعلاميا في أحد جوانبه، إذ حمل إعلانه بنفسه، إذ وقع العمل في منطقة شديدة الحيوية فيها كثافة أمنية ملحوظة، وتقع فيها سفارات أجنبية وعربية كثيرة، ويسكن فيها كثير من كبار المسئولين السوريين، وهي مدخل دمشق الغربي الذي يصلها مع لبنان. إضافة الى ان المنطقة ذات اكتظاظ سكاني كبير، وهي المنطقة السكنية الأقرب الى كلية الآداب إحدى أكبر كليات جامعة دمشق، والمنطقة مكان مكشوف جرى اختياره ليكون مسرحا للحادث.

وثالث الدلالات، ان الحادث جاء في ضوء تطورات إقليمية مهمة سواء في العراق الذي يتصاعد فيه مأزق الاحتلال الاميركي - البريطاني، أو الأردن إذ تعلو الاحاديث عن أنشطة إرهابية، يتصل الحديث عنها مع سورية التي يقال، إن أدوات الإرهاب الأردنية عبرت منها.

وهذه الدلالات، إذا كان لها من معنى، فإنها تعني ان للحادث السوري هدفا سياسيا، يحمل رسالة واضحة الى دمشق مؤداها، ان دمشق ليست بعيدة عما تشهده دول المنطقة من أنشطة وعمليات إرهابية، وانه يمكن حدوث عمليات مماثلة ومعلنة في دمشق على غرار ما يحدث في المملكة العربية السعودية، وما يمكن أن يحدث في الأردن.

ويرتبط محتوى الرسالة التي يحملها الحادث الى دمشق بالمواقف السياسية التي تتبناها، وخصوصا في ثلاثة موضوعات شرق أوسطية مهمة، أولها الوضع في العراق، والثاني الموضوع الفلسطيني، والثالث موضوع تسوية الصراع العربي - الاسرائيلي، ولا تتوافق مواقف دمشق في هذا، ولاتنسجم مع السياستين الاميركية والاسرائيلية، ما جعل الباب مفتوحا لكل من «إسرائيل» والولايات المتحدة لتوجيه الاتهامات والتحذيرات، وكذلك التهديدات لدمشق من أجل إجراء تغييرات في مواقفها، ويمكن اعتبار الحادث السوري الأخير في سياق تلك الرسائل، حتى لو كانت أدواته التنفيذية خارج السيطرة الأميركية - الإسرائيلية المباشرة، وهو أمر ستبينه الأيام القريبة القادمة.

إن الحادث السوري الأخير، سيضع سورية مجدّدا أمام اختبار سياساتها، وتأكيد اختياراتها السياسية في المستويين الاقليمي والدولي وهي اختيارت توافق عليها السوريون وأكدوها لاسيما بعد الغزو الأميركي - البريطاني للعراق، وفي ضوء ما يحدث في فلسطين. ولعله من الأهم ألا ينعكس الحادث الأخير بصورة سلبية على الأوضاع السورية الداخلية، فيدفع الى تعزيز الاتجاهات الامنية وتشديد قبضة الأجهزة على حساب الانفتاح على الشعب والسير في اتجاه الإصلاح وتعزيز الشفافية، وهي خطوات بمجملها تجعل من سورية أقوى ليس في مواجهة الضغوطات والتهديدات فقط، بل في مواجهة احتمالات تسلل الإرهاب الى سورية

العدد 601 - الأربعاء 28 أبريل 2004م الموافق 08 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً