رفضت الولايات المتحدة الأميركية حديثا توقيع اتفاق التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي ككتلة واحدة وذلك ردا على طلب من أمانة مجلس التعاون الخليجي التي توجهت الى السلطات الأميركية بطلبها بناء على توصية من لجنة التعاون المالي الوزارية في المجلس.
ويأتي الرفض الأميركي متسقا مع السياسة الأميركية لتوقيع اتفاقات التجارة الحرة بشكل منفرد مع كل دولة ترى أميركا في علاقاتها معها مايستحق التطوير الى الارتباط باتفاق التجارة الحرة، مع العلم أن «اتفاق التجارة الحرة» أو «اتفاق منطقة التجارة الحرة»، كما يسمى، يعتبر خطوات في طريق الدفع الأميركي لانشاء منطقة تجارية حرة في الشرق الأوسط في العام 2013 كما أعلن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في مايو/أيار الماضي.
والرفض الأميركي يأتي في الوقت الذي وقعت فيه أميركا اتفاقات ثنائية لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية (تيفا)، مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي ماعدا المملكة العربية السعودية، و(تيفا) خطوة لتعزيز التعاون بين الطرفين الا أنها تبدو كأنها خطوة أولى قد تقود الى توقيع اتفاق التجارة الحرة إذ إن جميع الدول التي وقعت معها أميركا الاتفاق الأخير كان مسبوقا بـ (تيفا).
وعلى رغم أن الرد الأميركي على الطلب الخليجي كان واضحا ويعكس سياسة أميركية ثابتة في تفضيلها الارتباطات الثنائية مع دول منفردة الا أن الطلب الخليجي ماكان سيلقى ردا أكثر دبلوماسية في هذا الوقت بالذات الذي أخذت فيه العلاقات الأميركية - السعودية بالتوتر مع الأخذ في الاعتبار وزن السعودية (188 مليار دولار حجم الانتاج المحلي الاجمالي السعودي يعادل 55 في المئة من اجمالي الاقتصاد الخليجي) في منظومة مجلس التعاون الخليجي.
وبالتالي فان البحرين - والدول الخليجية التي يبدو أنها ستلحقها، أيضا منفردة، في اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية - ستواجه مشكلة في تفعيل اتفاق التجارة الحرة في ظل مساعيها الحالية لتوحيد سياساتها واجراءاتها التجارية والاستثمارية تجاه العالم الخارجي، اذ قد تتعارض الاتفاقات الثنائية مع سياسة الكتلة الخليجية فيما بين أطرافها.
وفي كل مرة يتم التطرق الى هذا الجانب مع المبعوثين الأميركان الى مفاوضات التجارة الحرة تكون الاجابة بأن «هذا شأن داخلي يخص الدولة الطرف في الكتلة تتطرق اليه بالشكل الذي يناسبها». لأنه فعلا شأن داخلي يجب أن تتكفل الدولة الشريك بدراسته وحله وعلى أساسه معطياته تتفاوض مع طرف الاتفاق الآخر.
في هذا الشأن لايبدو أن هناك الكثير مما تستطيع دول مجلس التعاون عمله للضغط على أميركا نظرا للتفاوت الكبير بين الطرفين فاقتصادات دول المجلس مجتمعة (344 مليار دولار) لا تعادل أكثر من 3 في المئة من الاقتصاد الأميركي الذي يبلغ حجمه 11 ألف مليار دولار.
ومع ذلك من الصعب أن تغلب الدول منفردة انتمائها الى الكتلة على مايمكن أن تجنيه من اتفاق كاتفاق التجارة الحرة مع أكبر الاقتصادات العالمية، فالوقوع في التضارب أمر لابد منه ولايبقى في اليد سوى محاولة تعظيم الاستفادة والتوفيق مابين السياسات الموحدة واتفاقات الدول منفردة مع أية أطراف خارجية
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 601 - الأربعاء 28 أبريل 2004م الموافق 08 ربيع الاول 1425هـ