العدد 601 - الأربعاء 28 أبريل 2004م الموافق 08 ربيع الاول 1425هـ

محمد جمعة الشاخوري ... دمه لم يذهب هدرا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قبل عامين كانت البحرين تموج بالمظاهرات احتجاجا على زعيم الارهاب في العالم ارييل شارون. في الوقت ذاته كان ينقل عن الرئيس الاميركي جورج بوش قوله إنه قرأ كتاب شارون عن الضربة الاستباقية ووجده من افضل الكتب، وان الارهابي شارون يعتبر أفضل رجل سلام. في الوقت نفسه ايضا كان هناك اجتماع في البحرين حضره السفير الاميركي ونُقل آنذاك شيء عن الوقوف من اجل شهداء فلسطين، وكان السفير الاميركي قد طلب - بعد أن تجاوب مع ذلك الوقوف - الوقوف ايضا من اجل «الضحايا الاسرائيليين». الارهابي شارون وجنده كانوا يقتلون محمد الدرة في القدس، والمشاعر الاسلامية تنفجر في كل مكان. والبحرين كانت من البلدان الاسلامية التي خرجت احتجاجا على الارهاب الاسرائيلي واحتجاجا على مساندة الرئيس الاميركي للارهابي ارييل شارون.

البحرين في هذه الفترة ايضا شهدت تدشين أول مظاهرة كبرى عبر الرسائل النصية للهواتف النقالة. لا أحد يعلم لحد الآن من دعا الى التظاهرة الكبرى التي اتجهت الى السفارة الاميركية واستشهد فيها محمد جمعة الشاخوري (المظاهرة كانت في 5 أبريل / نيسان 2002، والاستشهاد في المستشفى بعد يومين 7 أبريل). كل ما هناك ان دعوة انتشرت بين الهواتف النقالة تخبر الناس عن موعد ومكان انطلاق المظاهرة. وتزامن مع هذه المظاهرة الكبرى مظاهرات عدة خرجت واتجه بعضها إلى السفارة الاميركية. الحدث كان مفاجأة للمشاركين ولقوات الامن وللسفارة الاميركية، وما حدث بعد ذلك هو سقوط محمد جمعة الشاخوري على إثر اصابة في رأسه برصاص مطاطي.

تسلمتُ اتصالا آنذاك يخبرني ان «محمد جمعة استشهد قبل نصف ساعة»، فذهبت مباشرة الى مجمع السلمانية، ولكن الغرفة كانت محاطة بموظفي السلمانية لمنع الناس من الدخول الى الغرفة. وعلى رغم ذلك دخلت الغرفة وشاهدت آثار الرصاص المطاطي وقرأت عليه الفاتحة. الوضع كان يغلي اذ تجمع المئات، وحُمل النعش مشيا على الاقدام باتجاه مقبرة المنامة. ولكن بمجرد وصول المسيرة الى محلات سناء وصل خبر بأن قوات الامن احاطت بالمقبرة، فعكست المسيرة اتجاهها (تحت شمس حارقة في ظهر ذلك اليوم) وسار الجميع باتجاه السنابس. ومع وصول المسيرة الى المغتسل (غسل في السنابس ودفن لاحقا في الشاخورة) كان الآلاف قد تجمعوا لتغسيله وتشييعه. كانت تلك من آخر المناسبات التي شارك فيها الوالد الشيخ عبدالامير الجمري قبل اشتداد المرض عليه، إذ خطب في المشيعين والمتظاهرين، داعيا الجميع إلى الالتزام بالاحتجاج السلمي. كان لزاما على العلماء الذين شاركوا وتقدموا المسيرة ان يرشدوا عشرات الآلاف الذين اصبحوا كالبحر الهائج يمتدون من السنابس وجدحفص حتى الشاخورة، وفعلا تمكنوا من ذلك وانسحبت قوات الامن ولم تشاهد أية سيارة او شاحنة لهم بعد اتصال جرى مع المسئولين وطلب منهم سحب القوات في مقابل تهدئة الامور.

عامان على كل ذلك، والنتيجة ليست صغيرة قياسا بوضعنا في الشرق الأوسط. فلأول مرة تُدان وزارة الداخلية (حتى لو كان ذلك ضمنيا) من خلال محكمة مدنية. ولأول مرة يتمكن المواطن من الوقوف امام السلطة في قضية سياسية، وتحكم المحكمة لصالح المواطن. إنها بداية حسنة لحكم القانون، وهي بحاجة إلى مزيد من التعزيز والتأطير لكي يأمن الجميع عند الاعتداء مهما كان مصدره. رحمك الله أيها الشهيد وسلام عليك وانت مع الرفيق الاعلى

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 601 - الأربعاء 28 أبريل 2004م الموافق 08 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً