من الخطأ الاعتقاد بأن مشاركة «جمعية الوفاق» وعموم المعارضة، في الانتخابات النيابية كانت ستخفف من الاحتقانات التي باتت سمة «بحرينية»، ذلك أن المشاركة دوامة أخرى، كما المقاطعة، بغض النظر عن الصلاحيات الدستورية للمجلس المنتخب. فمشاركة غالبية القوى الرئيسية في انتخاب برلمان 1973، بما في ذلك القوى الدينية التي تشكل حاليا رموزا أساسية في تيار جمعية الوفاق، لم يمنع من حل المجلس بعد سنتين من بدء أعماله، والنظر إلى ما يعانيه أعضاء مجلس النواب الحاليون - بما في ذلك نواب الحكومة والخدمات من مشكلات - دليل واضح على أن الموضوع أكثر تشابكا مما يبدو. إن قراءة التاريخ توضح أن الصراعات ما لبثت تتجدد في كل عقد تقريبا، مخلفة حالة أخرى من اللاتوافق: من عريضة 1922، مرورا بمطالبات العام 1938، وحوادث هيئة الاتحاد الوطني عامي 53 - 1956، وصولا إلى حركة التسعينات. الإشكال أعمق مما يبدو، ويرتبط بطبيعة التفكير السائد الذي لم يستوعب بعد أن سياسة «عض الأصابع» لن تقود إلى خير. والصراع الدائر حاليا بين الحكومة والمعارضة، ضمن نطاق تفكيرهما، كان سينتقل إلى قبة البرلمان لو شاركت المعارضة في الانتخابات. وإذا كان خليفة الظهراني يلوح أكثر من مرة بحلّ مجلس النواب إذا مضى في مساءلة وزراء اتهموا بالفساد، فيمكن لنا تصور الحال التي سيكون عليها الوضع لو فازت المعارضة بعدد كبير من المقاعد، فماذا كانوا سيطرحون؟ وما الملفات التي سيفتحونها؟ السؤال: هل عقدت الأطراف العزم على علاج مشكلات البلد؟ وما هي هذه المشكلات أصلا التي نودّ حلها؟ هل هو الخوف وانعدام الثقة؟ أم عدم الإدراك بأن العمل السياسي فن الممكن؟ أو عدم فصل الملفات؟... لا أجوبة نهائية، بيد أن لكل مشكلة حلا إذا ساد العقل والمنطق النسبي
العدد 600 - الثلثاء 27 أبريل 2004م الموافق 07 ربيع الاول 1425هـ