عندما نسمع اسم «المغرب» يهلّ على خواطرنا «ابن بطوطة»، ذلك الرحالة المغامر القديم الذي طاف العالم القديم وركب البحار السبعة وجال في أرض الله الواسعة، حتى ملّت منه ظهور الجمال والمحامل والدواب. عاد إلى بلدته المغربية الصغيرة ليكتب قصص مغامراته الحافلة التي امتدت على مدار ربع قرن. رأى خلالها الجنس الابيض والأسود والأصفر والأحمر، وعاد يحدّث قومه بما شاهده بأم عينيه في تلك الأقطار النائية، يوم لم يكن هناك قطار ولا باخرة غير القوافل الناعسة تقطع البراري والقفار في دروبٍ لا يبدو لأفقها الأزرق من حدود.
وفي عالم تفصل بلدانه الصحارى والقفار المجدبة، عاد ليسرد لأهله قصصا لم يسمعوا بها، ويروي لهم حكايات لم يألفوها في عزلتهم الهادئة على ضفاف الأطلسي البعيد. كان الكثيرون منهم عندما يسمعون «غرائب الأبصار وعجائب الأمصار» يقهقهون. من ذلك انه ذكر قوما كانت نساؤهم يختلفن عن بقية الاجناس: نساء بثدي واحد فقط وكبير! معاصروه البسطاء كذّبوه، لكن أحد الدارسين الذي جاء بعد ستة قرون ذهب إلى احتمال أن تكون الأزياء في تلك البلاد المجهولة صمّمت بشكل يبرز الصدر ككتلة كبيرة واحدة، فظنّ الرجل ان الله خلقهن كذلك!
واليوم يزورنا عددٌ من أحفاده، يحلّون بيننا ضيوفا كراما، لأيام معدودات في «ملتقى أصيلة»، سرعان ما ستحملهم الطائرة إلى وطنهم الأم. ولكل عائدٍ من سفرٍ ذكريات وقصص وحكايات، وفي بلدٍ ليس فيه من الغرائب والعجائب الكثير، فما نتمناه أن يعود أحفاد «ابن بطوطة» وفي جعبتهم الكثير من الحكايات الجميلة التي سيروونها لأطفالهم في المغرب البعيد بلغة الجغرافيا، القريب جدا بلغة القلب.
قاسم حسين
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 600 - الثلثاء 27 أبريل 2004م الموافق 07 ربيع الاول 1425هـ