العدد 600 - الثلثاء 27 أبريل 2004م الموافق 07 ربيع الاول 1425هـ

الجودة «ثقافة»: «التسجيل العقاري» مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أحد المفاهيم الرئيسية في مؤتمر الجودة العالمي الذي بدأ امس هو أن الجودة «ثقافة» قبل ان تكون اجراءات وأنظمة. وقد ثار اثناء النقاش حديث عن مدى امكان تغلغل الجودة في المؤسسات الحكومية، وكان جواب المحاضرين بأن الخيار واحد ولا سبيل إلا من خلال اعتماد مبادئ الجودة، وأن القطاع الحكومي الذي لا يدير الجودة حسب الضوابط فإن مصيره لا يختلف عن مصير المؤسسة الفاشلة في القطاع الخاص.

قبل فترة وجيزة كنت في زيارة لجهاز المساحة والتسجيل العقاري والتقيت مدير ادارة الشئون الادارية والمالية الشيخ محمد بن خليفة بن عبدالله آل خليفة الذي تحدث إليّ، ومن ثم أخذني في جولة على مشروع تحويل جميع وثائق المسح العقاري الى الحاسوب ضمن قاعدة معلومات مرتبطة بمختلف اجهزة الدولة.

الرسالة التي خرجت بها بعد ذلك اللقاء هي أن أمن «الجودة» وضبطها هو السر في نجاح المشروع الذي بدأ قبل شهرين وسيستمر حتى نهاية العام وسيكتمل بذلك إدخال جميع الملفات الورقية حاليا الى الحاسوب وربطها بقاعدة معلومات متطورة يتمكن من خلالها المسئولون من البحث عن اية معلومة بشأن المسح العقاري في اية منطقة من مناطق البحرين.

الأغرب من ذلك (بالنسبة إليّ) هو ان جهاز المساحة يستعين بشركة متطورة في التقنية وفي ضبط الجودة من جمهورية مصر العربية، وان الشركة المصرية وظفت فريقا بحرينيا متكاملا لاداء المهمة (اكثرهم من البنات)، ويتم الاشراف بواسطة اجراءات ضبط الجودة المعترف بها دوليا وبأسلوب يعتمد التقنية الرقمية ولكن باستخدام اللغة العربية، لان الوثائق رسمية وهي باللغة العربية وقاعدة المعلومات تم انشاؤها باللغة العربية ايضا.

اذا، شركة مصرية التزمت بالجودة العالية وتعتمد على التكنولوجيا الرقمية وهي بذلك تستطيع تصدير خبراتها إلى البحرين وغيرها من البلدان، وهذا يثبت ما أشار اليه المنتدون في المؤتمر العالمي للجودة من ان مفتاح النجاح هو ثقافة الجودة وضبطها حسب الاجراءات المتعارف عليها دوليا. وأنا مقتنع ان البحرينيات - اكثر من 12 حسبما أذكر - اللاتي رأيتهن يُدخلن المعلومات في الحاسوب ويعتمدن مبادئ ضبط الجودة سيجدن الوظائف المناسبة لهن سواء كان ذلك في القطاع الحكومي او القطاع الخاص، لاننا نعيش في عالم لا يقبل إلا المبدعين والعارفين بالاساليب الحديثة للعمل، كتقنية المعلومات والادارة بمختلف فروعها ولاسيما ادارة الجودة.

الجودة تفترض شيئا مهما، وهو ان المؤسسة تعامل الموظف وكأنه اهم الموارد لديها، ويجب الاعتناء بهذا المورد وتدريبه وتطويره، لانه من دونه لن تتمكن المؤسسة من النمو في عالم يعتمد اساسا على المبدعين. والابداع يتطلب تشغيل العقل في اختصاص مطلوب للمجتمع ويخدم في بناء الحضارة الانسانية العادلة، وهذا هو سر تفوق الاختصاصيين المبدعين في كل المجالات (الطب، المصارف... الخ)؛ لان عالم اليوم لم يعد هو عالم الامس... إنه عالم يقوده المبدعون، ولا يستطيع ان يلحق به إلا الذين قبلوا التدريب المستمر لانجاز العمل المتقن والملتزم بضواط الجودة دائما

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 600 - الثلثاء 27 أبريل 2004م الموافق 07 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً