العدد 599 - الإثنين 26 أبريل 2004م الموافق 06 ربيع الاول 1425هـ

حقبة جديدة في وزارة الصحة

عبدالوهاب محمد عبدالوهاب comments [at] alwasatnews.com

تهنئة إلى القيادة في البحرين باتخاذ القرار المناسب بتعيين امرأة وطبيبة بحرينية وزيرة للصحة، وهذه سابقة تختطها مملكة البحرين بتحميل المرأة حقيبة وزارية خدمية وهي من أهم القطاعات الخدمية التي تحتل أهمية بالغة للفرد وللأسرة البحرينية، وهنيئا لندى حفّاظ بثقة الحكومة الموقرة والتي هي أهل لها، وإذ نتجاوز في وزارة الصحة حقبة ونتطلع إلى حقبة جديدة يحدونا الأمل في تحقيق المنجزات الكثيرة والكبيرة التي تصب في مجملها في خدمة المواطن وصحته وأسرته والمقيم وحياته ومعيشته.

ولابد أن نشيد بالدور الكبير الذي لعبه سمو رئيس الوزراء الموقر الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة الذي استقطع من وقته وجهده يستمع إلى ما آلت إليه الأوضاع في وزارة الصحة، ونتلمس في لقاءاتنا مع سموه الأهمية التي يوليها لأفراد شعبه ورفضه لكل صور الظلم.

فكانت توجيهاته السامية إلينا مبعث فخر واعتزاز وكان لإرشاداته في بذل المزيد من التفاني والاخلاص من أجل تطوير الحقل الصحي الذي نعمل فيه حتى ينعم المواطن والمقيم بالاطمئنان والصحة والعافية.

وكانت هذه اللفتة من القيادة بعد أن أصيب الكثيرون بالصدمة جراء التداعيات التي أصابت وزارة خدمية كوزارة الصحة من جراء السياسات التي لم تلق الاستحسان من شرائح كبيرة من العاملين في الحقل الصحي.

إن قرار تعيين وزيرة للصحة أثار نشوة وحراكا وسط الشارع البحريني وامتلأت النفوس أملا وتطلعا بتجاوز هذه المحنة التي مرت بها وزارة الصحة، فهذا القرار خطوة جريئة لا شك تصب في صلب العملية التحديثية التي تشهدها البحرين. ولقد تبوأت المرأة أعلى المراكز وأثبتت فعلا مشاركتها في عملية التنمية فلها ان تزداد حماسا لحصولها على هذه المكتسبات في ظل المشروع الاصلاحي لجلالة الملك المفدى. فندى حفاظ امرأة وأخت وزميلة وطبيبة بهذا المركز قديرة تستحق كل الدعم والتأييد، وبذل اقصى درجات التعاون والتآزر وأن يتكاتف الجميع معها في سبيل تحقيق الأمنيات العظيمة. وستوفق إن شاء اللّه في القيام بمسئولياتها على خير وجه واثبات دورها المتنامي كأكبر مسئولة في القطاع الصحي ويجب ألا ننسى أن حفاظ قضت سنوات كثيرة في الحقل الطبي في خدمة هذه المؤسسة وكانت قريبة من الأم والطفل والأسرة بحكم عملها طبيبة ومديرة ومسئولة عن هذا القسم الحيوي في الوزارة، وتمرّست في أعمال ادارية وتعليمية وقيادية وبحثية متعددة وهي عضوة في المجلس الأعلى للمرأة وعضوة في مجلس الشورى فتمكنت من التواصل مع الشرائح المختلفة للمواطنين وتركت بصماتها الايجابية على الكثير من الانجازات، وهذه كلها دلائل تؤكد اهليتها لتولي هذه الوظيفة القيادية.

إن الحركة الاصلاحية في البلاد أوجدت ثقافة ايجابية جديدة وفرضت ظروفا وأوضاعا من الشفافية والمكاشفة وعدم التمييز لابد أن يحسب لها ألف حساب كون أن مصالح الناس والعمل على راحتهم والحفاظ على حقوقهم والابتعاد عن إلحاق أية أذية بهم هي من المبادئ الأساسية التي يجب التمسك بها والحفاظ عليها والالتزام بها وأن تكون منهجا لتعاملاتنا اليومية مع كائن من كان كبيرا أم صغيرا، مديرا أم موظفا، رئيسا أم مرؤوسا، فقد فرض المشروع الاصلاحي التجديد والمحاسبة والمكاشفة والاستماع إلى الرأي الآخر وحرية التعبير واعطاء كل ذي حق حقه، وألا يكون التعامل مع الموظفين والعاملين من منطلق الاكراه والادانة ولكن يجب أن يكون التعامل من منطلق التعاطف والتقدير والتشجيع حتى تسود روح جديدة من الاخلاص والحماسة والعمل الجماعي وحتى يتحوّل العاملون من أعداء وأعداد إلى أشخاص ذوي اعتبار وأصدقاء وشركاء في القرار.

فلتبدأ الوزارة الجديدة وتؤكد نقاط الاتفاق وتستمر في تأكيدها ولنسعى جاهدين نحو الغاية نفسها، وأن يكون الاختلاف بيننا في الاسلوب وليس في تحقيق الأهداف وبلوغها. فلندع الآخرين يطرحوا ما لديهم من أفكار ومشروعات وأحلام وطموحات ولننظر إلى الأمور من وجهة نظر الآخرين ونتعاطف مع تلك الآراء والأفكار المفيدة ذات التطبيق العملي وليعلم الجميع أن الوزارة الجديدة تعمل لهم ومعهم وتحقق المكاسب من أجلهم ومن أجل رقي ورفاهية المواطنين والمقيمين.

إن وزارة الصحة مثقلة بالجروح في هذه الفترة وسيكون الجهد الذي يتطلبه الوضع مضاعفا في علاج الهوّة القائمة بين القطاعات المختلفة، وسيأخذ هذا جهدا ووقتا ولكن يجب علينا كعاملين في هذه الوزارة العريقة وكمواطنين أن نمد يد العون والمساعدة والتأييد والتكاتف للمسئول الواقعي الذي لا يقوم بخداع الناس ولا يمنيهم بمشروعات خارج حدود وامكانات وزراته وألا ننسى أن الوزارة لها سقف والموازنة لها حدود، حتى نحمل للناس المشروعات التي تكون في حدود الممكن، وحتى لا يصاب الناس بالاحباط. وهذا لا يعني ألا يطلب المسئول ويحاول بجد ومثابرة واصرار الحصول على أقصى ما يمكن الحصول عليه من موازنات وحوافز وزيادات ومشروعات تسد حاجات وزارته بما يعود بالنفع على العاملين والذي بدوره ينعكس على صحة ورفاهية الجماهير.

إن المهمة الكبيرة التي تنتظر الوزيرة الجديدة وطاقم المساعدين والمديرين والمسئولين معها عظيمة، وقد تكون في بعضها صعبة، ولكن اعتماد الكفاءة والمقدرة ومعايير الاخلاص والصدق في انجاز الأعمال والابتعاد عن المحسوبية في ردم الهوّة بين الادارة العليا في الوزارة والكوادر العاملة وتخطي ترسبّات المرحلة السابقة التي أودت بعوامل الثقة المتبادلة بين المريض والمنافذ الصحية، وأن يعمل الجميع بهمة وعزيمة من أجل احياء الثقة التي تزعزعت وأن يهنأ المواطن والمقيم بما أتاحته له حكومتنا الرشيدة من امكانات راقية ومستوى رفيع وأجهزة ومعدات ذات تقنية عالية حتى تعم الفائدة وتعود البحرين لتحتل دورها الريادي في مجال الخدمات الصحية على المستوى الاقليمي والعالمي.

الوزيرة ندى تتسلم حقيبتها الوزارية في مرحلة يزداد فيها الوعي المجتمعي بالقضايا الصحية وتتكاثر وتتضاعف متطلبات المجتمع للارتقاء بالخدمات الصحية وتتوالى الاعداد الغفيرة من الخريجين في جميع التخصصات الطبية والصحية والتقنية والتمريضية طالبين الالتحاق والتثبيت في هذه الاعمال التخصصية ومطالبين بظروف عمل أكثر ملاءمة لتطلعاتهم فالكل يتمنى أن يحقق أقصى قدر ممكن من أحلامه وطموحاته.

وإذا كانت حكومتنا الرشيدة أولت وزارة الصحة أولوية خاصة وضاعفت من موازناتها عبر السنوات القليلة الماضية فمن واجبنا الآن أن نرسم السياسة الصحية السليمة النابعة من المجتمع وحاجته والناس ورغباتهم الممكنة وأن تصرف موازنة الوزارة في أوجهها السليمة وأن تعطى الأولوية لصحة المواطن وأن يكون تدريب وتطوير الكوادر الوطنية فنيا واداريا طبيا وتمريضيا في كل التخصصات الصحية والطبية من أولويات الادارة الجديدة، وأن نتمسك جميعا بمبدأ العمل الجماعي وضمن الأطر القانونية والشرعية للوائح والقوانين المنظمة للعمل وتأكيد الدور المؤسسي للادارات المختلفة في هذه الوزارة من أجل بلوغ غاياتنا السامية.

إن المؤسسات الكبيرة ذات المسئوليات العظيمة يحتاج القائمون عليها إلى أن يكونوا حكماء مدبرين أقوياء مادة ومعنى، غير منحازين لحسابات أو أغراض شخصية أو أفكار سياسية متطرفة يداومون على سياسة العدل والاعتدال والموازنة والقوة معا، وعلى جانب كبير من الاحترام للعاملين والمرؤوسين مقدرين عطاءهم وجهودهم، وأن تسير الأمور على غير طريق التفرّد بالقوة والسطوة.

إن النفوس مليئة بالأمل في تجاوز هذه المحنة، ويا ليت نعي حجم خسارة بعض الدعامات المهمة التي تركت هذه الوزارة ويكون الاستدراك ممكنا بعد كل هذه الهفوات، ويا ليت المراجعة تتم سريعا وقبل فوات الأوان.

وقد توسلت إلى الله العلي القدير من هذا المنطلق أن يهيئ لهذه الوزارة من يرعى الله سبحانه وتعالى في عمله وأن يهيئ الله لهذه الادارة البطانة الصالحة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتضع ثمنا غاليا وكبيرا لكل انسان على هذه الأرض الطيبة وتقدر وتثمن عطاء كل إنسان في هذا الوطن وتعيد الى كل مظلوم حقه وتعيد له كرامته وتمسح دمعته وتمحو عنه الآلام التي كدّرت عليه حياته في تلك الحقبة... واللّه من وراء القصد

العدد 599 - الإثنين 26 أبريل 2004م الموافق 06 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً