لن يدعي أحد كشف الغيب، أو التلصص على همسات النجوم في شأن العريضة التي أطلقها التحالف الرباعي وما كانت ستؤول إليه، إذ ان أي متابع للمشهد السياسي البحريني سيعرف إلى أين يمكن أن تنتهي العملية، التي تشهد هذه الأيام بعضا من فصولها الأخيرة.
لقد خاض «الرباعي» سلسلة من الأفعال المتصلبة طلبا لحلول وسطى وتنازلات تقدم له من قبل الحكم، فإذا بالحكم ينزل به الضربات الواحدة تلو الأخرى، ما أجبره على التراجع عن «الندوة الجماهيرية» - كما يهوى دائما أن يقيم - إلى ندوات متفرقة داخلية، ورضخ - بعد طول عناد - لمطالب وزارة العمل - حتى لا يوقع العريضة إلا أعضاء الجمعيات فقط، وذلك بعد طول لأي ومماحكات - لا شك أنها مسموحة وسلمية ـ وصار يستجلب الأعضاء من كل حدب وصوب، هؤلاء الأعضاء الذين لو آمنوا بالجمعيات نفسها لما سجلوا عضويتهم فيها الآن، وهم أنفسهم الذين لن نرى لهم أثرا بعد سنة من الآن... وبالأمس فقط، يصدر الديوان الملكي بيانا يقول فيه أنه لن يتعامل مع العريضة التي ساحتها المجلس الوطني، أي بتحويل سكة القطار من القصر إلى البرلمان، وهو ما ترفض الجمعيات الأربع التعامل معه.
لا يطلب من العمل السياسي أن يكون «لينا فيعصر»، ولكن في حالتنا هذه، كان العمل يابسا إلى درجة التشدد، خصوصا عندما لاحت له فرصة الحوار مع القصر، ففوتها بدواع غير مفهومة، وهو الذي ما انفك يطالب بالحوار... والنتيجة أنه يتعرض اليوم للتثليم من أطرافه وصولا إلى قلبه، فـ «اللعبة» استنفدت أغراضها وعلى اللاعبين أن يعوا أي موطئ قدم يطأون، وأن السماح والتسامح والسماحة لها قوانينها التي إن سمحت بالاتكاء على أسوارها أحيانا، فإنها لا ترضى بمن يهز السور
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 599 - الإثنين 26 أبريل 2004م الموافق 06 ربيع الاول 1425هـ