لم أتوقع أن يكون موضوعي المنشور يوم الخميس 22 ابريل/ نيسان عن مهنة الطرارة بهذه القوة وهذا التجاوب... لقد جاءتني اتصالات كثيرة جدا... وكلها تقريبا من موظفين في شركات... يشتكون من تدني مستوى معيشتهم وذلك بسبب تدني رواتبهم... البعض كان يطالب بجلب خبير في «الطرارة» من الدول الأجنبية ليتعلموا منه بدلا من وظائفهم الحالية التي «لا تؤكل عيش»... والبعض الآخر وجدها فرصة ليطلب من وزارة العمل والشئون الاجتماعية إرساله هو وزوجته وأطفاله إلى الخارج ليتعلموا مهنة «الطرارة» المربحة «بحسب وجهة نظرهم» بدلا من العمل المرهق ذي المردود البسيط الذي لا يغطي احتياجاتهم الضرورية وليست الكمالية... هناك متصل عجيب وغريب اسمه علي نجف «وقد استأذنته لوضع اسمه» وأنا أعتبره عالما في الرياضيات وهو يعمل في إحدى الشركات الكبرى ولديه حسبة معقدة وممتازة لجمع مبلغ شهري كبير من «الطرارة» عند الإشارة الضوئية... يقول الأخ علي: «لا حظت أن الإشارة الضوئية عند تقاطع معين ترجع كما هي كل أربع دقائق... يعني عندي أربع دقائق كاملة للطرارة والإشارة حمراء والسيارات متوقفة. ويمكنني أن أجمع نصف دينار في أسوأ الظروف... وتكون الإشارة خضراء لمدة دقيقة أو دقيقة ونصف ما يعني أنني أجمع نصف دينار كل ست دقائق والمجموع خمسة دنانير كل ساعة وفي عشر ساعات طرارة يمكن أن أجمع خمسين دينارا بما مجموعه ألف وخمسئة دينار في الشهر الواحد» والله شغلة حلوة... لقد استغربت من الأرقام المتدنية للرواتب والتي نقلها إليّ المتصلون مع أني أعرف بلادي فيها من الخير الكثير «الله يسلم بوسلمان» وهناك موظفون يتسلمون رواتب تصل إلى عشرين ألف دينار وثمانية عشر ألفا وهم في مصارف أو في شركات شبه حكومية... فلماذا لا يتم رفع الحد الأدنى للرواتب حتى تتساوى على الأقل مع الحد الأدنى للمصروفات الضرورية للأسر البحرينية؟... والغريب أن غالبية المتصلين من شركات طيران ووكلاء سفر ومن شركة اتصالات بحرينية معروفة وهذا أمر عجيب جدا لأن لي قصة طريفة تشمل هذه الشركات مع بعض... لقد كان لي صديق «كان صديق» يلعب معي التنس الأرضي ويعمل في إحدى وكالات السفر المعروفة... وفي أحد الأيام تزاعل مع رئيسه المباشر فقدم استقالته واتصل بي فورا لأتوسط له لدى الرئيس التنفيذي السابق لإحدى شركات الطيران (الرئيس السابق وليس الحالي)... فعملت له الواسطة وأرسلته إلى المقابلة... وبعد ذلك بيومين اتصل بي هذا الصديق «كان صديقي» وهو زعلان جدا لأنهم وافقوا على توظيفه في الشركة براتب قدره ثلاثة آلاف وتسعمئة دينار وهذا الراتب لا يكفيه وهو يريد زيادة... فاتصلت بالرئيس التنفيذي ثانية وأقنعته بزيادة الراتب ووافق مشكورا فتسلم صديقي «كان صديقي» الوظيفة في الشركة نفسها براتب قدره أربعة آلاف وخمسمئة دينار فقط لا غير... ثم استقال وهو يعمل حاليا في شركة اتصالات كبرى براتب أكبر من هذا بكثير... وعندما تمت إضافة الرقم 17 إلى أرقام التليفونات الثابتة أصبح رقم تليفون منزلي سلَطة... كأنه حروف هيروغليفية... ولا أعلم من أين أتوا بالرقم 17 للإضافة... مع أن رقم جيمس بوند 007 يمكن هذا رقم العميل السري محمد بوند أو يوسف بوند الله العالم... لما رأيت رقم تليفون منزلي بهذا الشكل تذكرت صديقي «كان صديقي» الذي يعمل الآن في شركة اتصالات كبرى والذي توسطت له يوما ما ليعمل براتب قدره خمسة وأربعون ألف روبية «بحساب أول»... تذكرته واتصلت به خمسة وأربعين ألف مرة ولم أجده... لا في مكتبه ولا بيته ولا على النقال... صار يهرب مني وأصبح مثل بطل مسلسل الهارب «ريتشارد كامبل» ولم يعد صديقي..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 597 - السبت 24 أبريل 2004م الموافق 04 ربيع الاول 1425هـ