العدد 597 - السبت 24 أبريل 2004م الموافق 04 ربيع الاول 1425هـ

مستوزرون أشد من الوزير

هاني فحص comments [at] alwasatnews.com

عضو في المجلس الشيعي الإسلامي الأعلى في بيروت

غريب أمر نوابنا الأفاضل فهم وزراء أشد من الوزير. وتلك هي مأساة البرلمان البحريني يراد له أن يكون برلمانا بلا أسنان ويمشي برجل عرجاء، فيوم يخوف من انقلاب الطاولة كما حدث في السبعينات، ويوم يهاجم نوابه عندما يريدون سحب الثقة من الوزير على أنهم «غير وطنيين» و«إنهم يريدون إفشال التجربة» وقصدهم من كل ما يطرح «المزايدة» وما إلى ذلك. إذا ما هو دور البرلمان اذا بقى صامتا وخوّف بعض نوابه عبر الصحافة وغيرها؟ هؤلاء النواب يسيئون إلى التجربة الاصلاحية من حيث لا يشعرون ويعززون نظرة أن البرلمان البحريني «لا يهش ولا ينش» والأسف من يمارس هذا الدور يلبس لباس السوبرمانية للدفاع عن الوطنية وذلك ليس غريبا، فالجيوب ملآنة والكروش زادت حتى تدلت على الأرض، فلا غريب أن تجد بعضا من هؤلاء يحمل سيوفا استجوابية ولكنها من خشب وعلى حد قول نزار قباني «يا بن العتيد الا سيف تؤجره فكل سيوفنا قد أصبحت حطبا» بعض هؤلاء النواب لا يهمهم كثيرا خراب البصرة أو اندلاق الذهاب من مغارة علي بابا حتى لو كان هذا الذهب جمع من عرق الفلاحين أو الفقراء من المواطنين الذين طحنتهم مكنة الحياة، فليس غريبا أن يستخفوا بالاستجواب أو بطرح الثقة. وبودي لو يقرأ بعض نوابنا المستوزرين أشد من الوزير كتاب علي شريعتي «النباهة والاستحمار» في عملية استغفال الجمهور والمجتمع، فلربما يرجعهم ولو قليلا الى جادة الضمير.

لو كان للجدران أن تتكلم لتكلم هؤلاء ولكن أعتقد أن على الجمهور البحريني أن ينصف بعض هؤلاء في السنوات المقبلة ويعرف كيف يتعاطى معهم. كانت اللافتات تضج بالترافع عن: «حقوق الشعب» فماذا بقي من حق؟ فهل توجد فضائح أكبر مما حدث في افلاس التقاعد والتأمينات؟

ان وجع السنين العجاف راح في «شربة مية» ونوابنا الأفاضل - آسف - سعادة النواب يصرون على عدم سحب الثقة من الوزير عبدالله سيف.

يقول الكاتب الساخر أحمد رجب في معرض استهزائه بما يجري من فرقعات فضائحية في مجلس الشعب المصري: «أصبحت شروط الترشيح لمجلس الشعب ان يكون المرشح فوق الثلاثين ويجيد القراءة والكتابة وأن يكون حسن السير والسلوك واشتهر بالموافقة» وعلى حد قوله أيضا: «أتمنى أن يراعى في اختيار المرشح لمجلس الشعب ألا تكون له خبرة سابقة في التصفيق والموافقة، وليس له هواية جمع امضاءات الوزراء على الطلبات مقابل عمولات وأن يستعمل الحصانة فيما شرعت له» أتمنى ألا يتحول بعض النواب إلى مادة دسمة للنكت اليومية فالنكات السياسية على بعض النواب أصبحت الرئة التي يتنفس منها الجماهير. ومن بعضها: ان مواطنا قال لآخر:

- هل سمعت نكتة النائب الذي نجح تحت قبة مجلس الشعب في اسقاط الوزير؟

- لا

- ولا أنا... لكنها نكتة حلوة.

لقد اشتهر بعض النواب في مصر بـ «نواب البلطجة» لكثرة ما أثاروه من قضايا مضحكة ومبكية في الوقت ذاته.

قرأت كثيرا عن تجارب البرلمانات الأخرى ولكن لم أقرأ أن نوابا برلمانيين يستميتون في الدفاع عن الوزير كما يحدث في البحرين... ملايين طارت، وقروض ألغيت وتبرعات من أموال الفقراء هنا وهناك، في نهاية المطاف نواب يدافعون عن استحقاق سحب الثقة من الوزير... لا شك أننا سنحصد مثل هذه الكثير خلال هاتين السنتين لعل ذلك يخرجنا من غيبوبة الوهم ويريح العباد من مثل هذه البلطجات. السلطة مطالبة بعدم وضع العراقيل أمام الاستجوابات أو مظاهر سحب الثقة حتى لا تسقط الورقة الرابحة للديمقراطية البحرينية الوليدة، فالديمقراطية هي البديل عن المنشورات السرية والاحتقانات، والبرلمان الحقيقي هو البرلمان الذي لا يدعم الإقطاع ولا يكرس الفساد فإذا كنتم تقولون ان الحل هو البرلمان فيجب إذا عدم وضع العراقيل أمامه

إقرأ أيضا لـ "هاني فحص"

العدد 597 - السبت 24 أبريل 2004م الموافق 04 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً