يعتبر فيلم هيدالغو وهو أحدث أفلام ديزني حاليا فيلما مثيرا للشفقة فهو لا يحتوي على المغالطات التاريخية فقط بل على المعلومات الجغرافية الخاطئة أيضا التي تهزئ بعقلية المشاهد وتستخف به. فقد أكد مدير مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عواد الباديم أن الفيلم الذي تدعي ديزني بأنه مبني على حوادث واقعية لا يستند على أية قصة حقيقية فكتّاب النص لم يهتموا بالتدقيق في السجلات في الأرشيفات والمتاحف أو حتى الرجوع إلى مصادر أكاديمية موثقة.
إنها بحق ملحمة دعائية عنصرية أميركية لترويج الأفكار المعادية إلى العرب والتي تذكرنا بحقد هتلر وحملاته المعادية التي شنها ضد اليهودية في فترة الثلاثينات. فقد وظف كل مشهد من مشاهد الفيلم لإهانة وإذلال العرب والسخرية منهم وإشاعة نماذج وصور عربية خاطئة بين المشاهدين باستعمال حيل وتشبيهات رخيصة. إن العرب الذين يقابلهم البطل فييغو في الفيلم هم أناس بغيضون ومليئون بالعيوب لا يستطيعون أن يخفون حقدهم على الشعب الأميركي «الكافر» وهي كلمة ترددت كثيرا في الفيلم. ففي احد المشاهد يرفض عمر الشريف، الذي يلعب دور أحد الشخصيات العربية في الفيلم مصافحة فيغرو لإدعائه بأنّه لا يَستطيع لمس يد «الكافر» لأنها ستضعف من قدرته على التنبؤ بالمستقبل. هذا احد الأمثلة التي يطرحها الفيلم والتي توضح مدى انتشار الثقافات الخاطئة عن العرب والإسلام كما إننا نَلاحظ تكرار الأفكار الشائعةَ المُدَبَّرةَ عن العرب في حوادث الفيلم فمثلا نجد أحد الشخصيات في الفيلم يمشي حاملا صقرا على كتفه وآخر يركض ويصرخ بهستيرية ليدعو الآخرين إلى عبادة الله. كل هذه المشاهد والأكاذيب دُبّرتْ وخطط لها بعناية. لقد استخدم الفيلم كأداة لنشر مشاعر الحقد والكراهية تجاه أمة مرت بأحلك المراحل في تاريخها الطويل والأمر المثير للعجب حقا ان الفيلم أبدى تعاطفا مع الأميركيين الأصليين الذين دمروا وشردوا من ديارهم في حروب طويلة عبر التاريخ ولكنه في الوقت ذاته شوّه صورة العرب على رغم أنهم عوملوا بالطريقة نفسها من أجل ماذا؟ من أجل زيادة أرباح شركة ديزني فقط.
لقد تكرر لفظ الجلالة بالعربية مرات عدة في النص السينمائي على لسان البطل فيجو الذي يلفظه بشكل خاطئ إلى حد أننا نشعر بالعداوة المطلقة كما أن تكرارها من قبل الشخصيات العربية في الفيلم يأتي ضمن سياق السخرية منهم لسذاجتهم وضعف شخصيتهم وبأن فكرتهم عن الرب دليل على ثقافتهم الملتوية ودينهم الباطل ما يجعلهم خصوما مرعبين تماما مثل الأميركيين الأصليين في بداية القرن التاسع عشر وهي الرسالة التي يريد أن يوصلها الفيلم إلى المشاهد وبكل وضوح. ومن أبرز المشاهد التي توضح لنا ذلك هي المشهد الذي يعلق فيه أحد المتسابقين العرب في الرمال المتحركة ومن ثم يحاول فييغو إنقاذه لكن الرجل يرفض ويصر بأن هذه هي نهايته المقدرة له من قبل الله ولكن البطل ينقذه ليعلم الرجل بأن كل إنسان يسيطر على قدره الخاص بنفسه وهو الدرس الذي يعتقد بأنه أعظم درس ولكن الرجل يقتل برصاصة على سبيل المصادفة محاولا انقاذ فييغو.
على رغم أن الفيلم يعكس عدة لمحات إسلامية، إلا أنه يعتبر فيلما فظيعا هابطا وهو من السوء بحيث لا يمكن أخذه بجدية أو حتى الكتابة عنه لكن الكثير من التعليقات العنصرية المستفزة عن الفيلم تدعونا إلى الكتابة عنه والرد عليها. الفيلم مليء بالسخف فنحن لا نعلم الى أين يتجه والى ماذا يهدف حقا فهو يبدأ بالتعاطف مع المذابح الحقيقية التي ارتكبت في حق المسلمين ومن ثم يصورهم بالعدو الشرس والشرير غير العادل وينتهي الفيلم بقصة راعي البقر الأميركي البسيط وعلاقته بحصانه.
بعيدا عن التلميحات الخفيفة التي قد تظهر في معظم الأفلام فإن فيلم هيدالغو يعتبر فيلما صريحا في معاداته للإسلام فهو يؤكد لنا أنه حتى في القرن الحادي والعشرين فإن الجمهور الأميركي يمكن أن يتقبل أي فيلم لمجرد أنه يعكس اعتقاداتهم وثقافتهم التي تستند على تاريخ طويل من التضليل والكراهية والحروب والسياسات المتعصبة. ففي الوقت الذي أقام فيه اليهود عاصفة إعلانية من الخلاف والجدل بشأن فيلم ميل غيبسون آلام المسيح إلا أن فيلم هيدالغو المعادي للاسلام سيبقى وللأسف من دون شجب أو توجيه أي انتقادات عربية. نحن نعيش في زمن استطاعت فيه هوليوود أن تستهدف المسلمين وتنشر الحقد والكراهية ضد المجتمعات العربية وهو الأمر الذي سيستمر طالما استرسل العرب في سباتهم العميق