من بين كل المعضلات التي تساهم في مشكلة البطالة تقف مسألة الفري فيزا في حجر الزاوية. تتمثل القضية في قيام بعض المتنفذين باستخدام نفوذهم لاستصدار تصاريح عمل للأجانب ومن ثم جلبهم للبحرين. يبقى أن هناك اختلافا جوهريا بين العمالة العادية والفري فيزا وهو أن المشمولين بالفري فيزا يأتون للبلاد لوظائف غير محددة. بمعنى يتم زج هؤلاء إلى سوق العمل للحصول على أية وظيفة ممكنة.
ومما يذكر هنا أن الدراسة التي أجرتها مؤسسة ماكينزي وشركاه الأميركية عن واقع سوق العمل في البحرين في العام الماضي أشارت بشكل غير مباشر لظاهرة الفري فيزا. وأكدت الدراسة أنه حتى العام 2002 كان هناك 45,000 عامل أجنبي يعملون في القطاع الخاص غير مسجلين بطريقة صحيحة. تنتمي غالبية مجموعة الفري فيزا إلى دول جنوب آسيا وخصوصا الهند.
أقل ما يقال عن الأفراد المتاجرين هو أنهم أناس جشعون لا يفكرون بمصلحة بلدهم. المعروف أن المطلوب من الأجنبي الموجود في البلاد كأحد أفراد الفري فيزا أن يدفع مبلغا دوريا معلوما للكفيل في مقابل تسريحه في سوق العمل ليزاول أي عمل كان. ولغرض توفير المبلغ يكون هذا العامل على استعداد تام للقيام بأية وظيفة ممكنة. هناك قصص عن بعض أفراد الفري فيزا زعموا أنهم على دراية ببعض الأعمال الخطرة مثل التسليك الكهربائي وتسببوا في نهاية المطاف بإيذاء أنفسهم بل وتسببوا في الإضرار بمنازل وممتلكات مواطنين.
لابد من الإشارة إلى أن عددا كبيرا من المشمولين ضمن تصنيف الفري فيزا يعيشون ظروفا صعبة في البلاد. إذ يتكدس نحو عشرة أشخاص في غرفة واحدة مزودة بمرفق صحي واحد للجميع. وهذا بحد ذاته خطأ يجب محاربته لأنه تصرف منافٍ لأصول حقوق الإنسان فضلا أن ذلك يعطي صورة سيئة عن ثقافة أهل البحرين. الصحيح هو أن يكون لهؤلاء الأجانب حقوق تماما كما عليهم واجبات.
إن البحرين دائما بحاجة إلى عمالة أجنبية وخصوصا العمالة الماهرة وأفراد يقومون بأعمال دنيا. لكن الواقع الحالي غير صحي على أقل تقدير نظرا لوجود بطالة في صفوف المواطنين. إذ تتراوح نسبة البطالة في أوساط البحرينيين القادرين أو الراغبين للعمل بين 13 في المئة و15,7 في المئة ويتراوح عدد العاطلين البحرينيين بين 16,000 و20,000.
اللافت في الموضوع أن الجهات الرسمية غير مهتمة بشكل واضح بمحاربة هذه الآفة. المؤكد أن المشكلة ستزداد تعقيدا إذا تركت من دون حل جذري. يزعم البعض بأنه لا يكاد يمر أسبوع واحد من دون وصول أجانب جدد للبلاد للانضمام إلى سوق العمل. إن مسألة الفري فيزا تمثل اعتداء صارخا على الاقتصاد البحريني إذ لا يمكن لأية دولة في القرن الواحد والعشرين أن تسمح لأفراد بالاستفادة الشخصية من الثغرات الموجودة في القانون ومن ثم إلحاق الضرر بالاقتصاد. من وجهة نظر اقتصادية بحتة وجود أشخاص الفري فيزا يعني بالضرورة زيادة العرض من العمالة وعلى افتراض بقاء الطلب في محله يعني ذلك الضغط على الأسفل على الأجور الممنوحة للعمال وهذا هو واقع الحال في البحرين.
لو فكرت الحكومة في هدية تقدمها للعمال في عيدهم في الأول من مايو/أيار ربما يكون تجريم المتاجرة بالفري فيزا هي أفضل ما يمكن أن يقدم للعمال البحرينيين ولكل العمال المؤمل أن يدخلهم وقف سيل الفري فيزا إلى سوق العمل وبذلك يتسنى إغلاق هذا الملف المخزي لما فيه مصلحة الوطن وعمال البحرين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 596 - الجمعة 23 أبريل 2004م الموافق 03 ربيع الاول 1425هـ