بدا الاختلاف واضحا بين أعضاء المجلس النيابي إزاء التحرك الشعبي الذي تقوده جمعيات التحالف الرباعي لجمع التوقيعات بشأن عريضة التعديلات الدستورية.
فقد رأى عضو الكتلة الإسلامية النائب الشيخ عبدالله العالي أن عريضة الجمعيات الأربع «تمثل رؤيتها السياسية، ونحن نحترم تلك الرؤية، ولكن هذه الجمعيات - مهما كان عدد أفرادها - تمثل طيفا سياسيا واحدا، وهناك أطياف سياسية أخرى قد لا تشاركها بالضرورة في رؤيتها تلك، فهناك من الجمعيات من يمتلك رؤية سياسية مغايرة».
وأضاف العالي «نحن نساند أية رغبة شعبية، ونقف بجانب الشعب في رغبته تلك، ونحن قبلنا العمل من خلال دستور2002، ولكن نقر بوجود رغبة جامحة بضرورة إيجاد تعديلات دستورية تتناسب ورغبة جميع المواطنين في تطوير الحركة النيابية في البحرين»، مضيفا «هناك اتفاق غير معلن مع المعارضة، والمجلس والشعب يعملان ضمن المصلحة الوطنية».
فيما أشار زميله النائب جاسم عبدالعال إلى أن من حق أي شخص بحسب المادة 29 من الدستور تكفل لكل مواطن الحق في مخاطبة السلطات العامة، وهذا من ضمن الحقوق الأصيلة للمواطن. والأمر نفسه ينطبق على عريضة الجمعيات، فلها الحق في رفع عرائض باسم أعضائها، وهذا يشكل حقا وواجبا في آن واحد شريطة ممارسة الحقوق الدستورية وفق الضوابط القانونية».
وأضاف عبدالعال «نحن في المجلس شكلنا لجنة لمناقشة التعديلات الدستورية، وهناك الكثير من المقترحات، وأنا في صدد صوغ مقترح لهذه التعديلات، سيكون مقبولا وموازنا إذا ما نظر إليه بحكمة وتمعن».
وأردف عبدالعال قائلا: «لكننا نرى أن التعديلات المقترحة يجب أن تنبع من مجلس النواب؛ لأنه السلطة المخولة بذلك، ونحن لا نريد أن نؤسس عرفا في القفز على المجلس عبر رفع الاقتراحات والعرائض إلى السلطة التنفيذية ممثلة في جلالة الملك؛ لان ذلك قد يكرس عرفا في تدخل السلطة التنفيذية في سن التشريعات بدلا من المجلس الوطني»، مضيفا «إننا نتفق مع المعارضة في جوهر التعديلات الدستورية، وان اختلفنا في بعض التفاصيل، ونرى أن العريضة قد حركت هذه القضية، وفتحت الحوار بمصراعيه أمام الجميع».
وزاد عبدالعال «نأمل أن يستثمر هذا الحوار، وألا يجر الى أمور تصاعدية قد تعد بنا الى الوراء، فيجب المحافظة على المكتسبات وتطويرها، لان هناك من القضايا قد تفوق الإشكالية الدستورية في أهميتها مثل تحسين الوضع المعيشي للمواطن، ووقف التجنيس وسياسة التمييز التي استشرت في مختلف الدوائر الحكومية».
واستدرك عبدالعال قائلا: «ولكن هناك أمورا سياسية لا يجب النظر إليها من خلال منظور قانوني بحت، فيجب مراعاة الواقع البحريني، لذلك من المناسب البحث عن الحلول الوسط التي يتوافق عليها الجميع» واختتم عبدالعال حديثه بالقول: «يدنا مفتوحة على الدوام إلى كل من لديه وجهة نظر تخدم المصلحة الوطنية بما فيهم الإخوة في المعارضة».
ومن جانبه ثمّن النائب عبدالنبي سلمان «الجهد الشعبي الكبير الذي يجب أن يصب في نهاية المطاف في خانة المصلحة الوطنية العليا، والتي على رأسها القضية الدستورية التي تمثل قضية شعب البحرين الكبرى، وهذا التحرك الشعبي يساند عملنا داخل المجلس؛ لان القضية الدستورية يجب أن تتجاوز إشكالية المشاركة والمقاطعة» وتابع سلمان قائلا: «ونرى أن هذا الجهد الشعبي يجب أن يؤطر الى عمل وطني ليصل بنا الى تحقيق ولو جزء من مطالبنا».
فيما علق عضو كتلة النواب الوطنيين يوسف زينل قائلا: «يجب ألا نخرج عن الإطار القانوني والأعراف المتبعة، ويجب أن تكون لعبتنا السياسية مرنة ولا تصل بنا الى مرحلة تأجيج الشارع، وتجربة سنتين من عمر المجلس النيابي أثبتت أن بالإمكان التعاون مع البرلمان في مختلف الملفات الوطنية بما فيها التعديلات الدستورية؛ لان عدم الاعتراف بالدستور والبرلمان - على رغم وجود النواقص - لا توصلنا الى حل مقبول، ويجب أن نبتعد عن كل ما من شأنه عرقلة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك».
وأضاف زينل «نحن شكلنا لجنة نيابية لمناقشة التعديلات الدستورية ونأمل أن تخرج بحلول توافقية قريبا، وأنا أدعو الى الاحتكام الى العقل وصوت الحكمة والانتباه الى أن مصلحة الوطن هي فوق كل اعتبار».
أما النائب عبدالعزيز الموسى فقد رأى أن «أية قضية تتوافق مع الدستور والميثاق نحن نؤيدها» وعما إذا كانت التحركات الشعبية تساند اللجنة التي شكلها النواب يجيب الموسى «أرى في الواقع أن هذه اللجنة أتت من جهد نيابي خالص».
فيما اعتبر عضو كتلة الاصالة النائب حمد المهندي أن «المعارضة التزمت بالتفسير الحكومي للمادة الدستورية التي انطلقت من خلالها العريضة». وأضاف المهندي «نحن لدينا مؤسساتنا الدستورية، وقد أشار وزير العمل في تصريحه يوم أمس الى ذلك بقوله ان العريضة سيكون مآلها الى المجلس النيابي، ونحن لدينا تعديلات مقترحة يجب أن تكون محل توافق ما بين مجلسي الشورى والنواب والإرادة الملكية» ورأى المهندي أن «التعديلات المقترحة يجب أن تصب في تسريع الإجراءات في البرلمان، وتوسيع صلاحياته التشريعية».
الوسط - محرر الشئون البرلمانية
ثمن عضو لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني النائب محمد آل الشيخ قرار الجمعيات الأربع بشأن الندوة الجماهيرية والعريضة الشعبية، وقال: إن قرار الجمعيات الأربع يتسم بالحكمة والعقل والثبات والحرص على المصلحة الوطنية العليا، وخصوصا في ظل الظروف الداخلية لمملكة البحرين والمتغيرات على مستوى دول الجوار ودول العالم. وقال: إنه يدعم جميع التحركات الشعبية والمطالبات العادلة والمنصفة والحريات المبنية على احترام القانون بما يعزز ويحافظ على المكتسبات السياسية التي تحققت لشعب البحرين، منذ انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، مشددا على أهمية ضمان حرية الحق في التعبير عن الرأي بالقول أو بالكتابة، واصفا إياه بأنه حق أصيل للشعوب، وحق كفله دستور البلاد، مؤكدا في الوقت نفسه أهمية ومشروعية النهج السلمي والحضاري في التعبير عن الرأي، بما في ذلك الحق في إقامة الندوات وتنظيم الاعتصامات والمسيرات السلمية والتظاهر ورفع العرائض، على أن تكون جميعها وفقا لحاكمية الدستور والقانون، وألا تخرج عن الأعراف والتقاليد والممارسات الديمقراطية، ويجب أن تبتعد كل البعد عن لغة القوة والتهديد، أو المواجهة والتصعيد، أو العنف أو التجريح أو الإساءة للآخرين أيا كانوا، ويدعو كذلك إلى نبذ كل ما من شأنه أن يعرقل مسيرة التطوير والتحديث السياسي، ويبث روح الفرقة، ويطالب جميع الأطراف بما فيها الحكومة إلى تفهم منطق الحوار، وفهم وتقدير جهود جميع القوى الفاعلة في الساحة، وأن هذه الأجواء التي تعيشها البلاد، ليست ببدعة وإنما هي تقاليد وأعراف وسلوك وممارسة الديمقراطية في المجتمع الديمقراطي
العدد 596 - الجمعة 23 أبريل 2004م الموافق 03 ربيع الاول 1425هـ