فترة زمنية لم تتعد حتى يوما يبلغ مداه 24 ساعة، بين موعد إطلاق «إسرائيل» سراح الجاسوس النووي مردخاي فعنونو الذي كشف عن ترسانة مفاعل ديمونة النووي وبين مسارعة بوش في تصريح يدل على موقفه الأرعن والمتصلب نحو الكيان الصهيوني بشكل علني لا يخفى ومساندته الفعلية لـ «إسرائيل» وتأييده لحفنة الأشرار وصقور البنتاغون والبيت الأبيض بإطلاق إنذار قال فيه «إن بلاده لن تغض الطرف عن محاولة إيران - حسبما يزعم - إنتاج أسلحة نووية تهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط وتهدد كيان (إسرائيل)».
ويمثل التهديد الأميركي نقطة محورية وخطوة لصالح «إسرائيل»، إضافة إلى التفرد في صناعة القرار الخاص بمنطقة الشرق الأوسط بما يخدم مصلحة «إسرائيل» بالدرجة الأولى. وقول بوش «تهدد كيان (إسرائيل)» هو محاولة أميركية تبلور موقفا أحاديا يتصدى لجميع المسميات الدولية ومواثيق الشرف الدولية والأمم المتحدة التي تحوط بلدان جميع العالم بالانقياد وراء الالتزامات التي تحافظ على امن واستقرار الشعوب إضافة إلى احترام سيادة الشعوب وحرية تقرير المصير.
وعلى رغم تأكيد إيران في مباحثات مع أوروبا وخصوصا الترويكا الثلاثية «فرنسا وبريطانيا وألمانيا» على المساعي السلمية لبرنامجها النووي غير أن أميركا تجدد بين الفينة والأخرى تلك المزاعم المغلوطة.
ويمثل فعنونو مصدر تهديد أمني على كيان «إسرائيل» إذ فضح أمرها للمجتمع الدولي وكشف السرية التي تحيط ببرنامج ديمونة. وأطلق فعنونو يوم أمس الأول رسالة سلام إلى العالم وخصوصا إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودعا مديرها محمد البرادعي إلى فتح مفاعل ديمونة للتفتيش. وأضاف بشأن إفشاء معلومات خاصة ببرنامج الأسلحة النووي الإسرائيلي انه لابد من إنهاء جدار الصمت والتعاون السري من الغرب والولايات المتحدة التي تتعاون مع «إسرائيل» في هذا المجال.
انحياز الطرف الأول في المعادلة السياسية (واشنطن) إلى ربيبتها «إسرائيل» وإطلاق بوش أمس الأول تحذيرات إلى طهران بشأن الأسلحة النووية وكان سبقه دعوة فعنونو للبرادعي لزيارة مفاعل ديمونة لهو رابطة قوية يسعى بوش من خلالها إلى غض طرف المجتمع الدولي عن مفاعل ديمونة وتوجيه الأنظار المزعومة نحو برنامج إيران النووي.
وقال فعنونو في بداية حديثه للصحافيين عقب خروجه مباشرة من السجن «أنا الشخص الذي يقف وراء التحقيق الذي نشرته صحيفة «صاندي تايمز» في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1986 بشأن السلاح النووي الإسرائيلي، ولقد اختطفت في إيطاليا، من قبل جاسوس إسرائيلي، وأحضروني إلى عسقلان في السابع من أكتوبر، وأنا احتجز هنا منذ ذلك الوقت. لقد تعرضت إلى معاملة بربرية ووحشية، الشاباك والموساد يديران هذا السجن»، وقال لهم «لقد سعيتم، إلى تحطيمي لكنكم لم تنجحوا ولا أريد العيش في (إسرائيل)»
العدد 595 - الخميس 22 أبريل 2004م الموافق 02 ربيع الاول 1425هـ