كانت خطوة جريئة أن تتقلد امرأة وزارة وهي خطوة لصالح التحديث في البحرين، وأجمل ما في الطب أنامله الناعمة ولولا ذلك لخرج الطب بآلاف الضحايا. فالعقل والقلب والأنامل الرقيقة هي الملامح الأولى التي يجب ان تكون لدى الطبيب ولدى الوزير أيضا، فكيف لو اجتمعت في امرأة؟
كان حلمنا ان تتقلد امرأة بحرينية وزارة من الوزارات، فلماذا تكون بي نظير بوتو أو انديرا غاندي أو ثاتشر ولا تكون ندى حفاظ أو جليلة السيد أو منيرة فخرو وأخريات وأخريات؟
المرأة البحرينية امرأة قديرة تستحق الدعم وان تعطى مزيدا من الصلاحيات؛ لتفهم جميع العالم ان النظرة الماضوية من ثقافة ان المرأة «كائن ضعيف»، «خلق من ضلع أعوج» ليست صحيحة والدليل هو الكفاءات العالية الموجودة في البحرين، فلا تدخل قطاعا إلا وتجد فيه مبدعات وطاقات كبرى من التكنوقراط. كم من محامية بحرينية تستحق الدعم؟ وكم من ممرضة أعياها التهميش؟ وكم من طبيبة ركنت في الزاوية من دون تشجيع أو احتضان؟ وكم من مهندسة همّشت لأنها لا تقوى أمام الثقافة الذكورية الضاربة في مفاصل ثقافة المسئول.
إننا نعاني من «روماتيزيوم» حاد في مفاصل ثقافتنا الذكورية تجاه المرأة ولكن الأمل مازال كبيرا، ومازالت المرأة البحرينية تتطلع إلى تغيير نحو الأفضل. وهناك طموح كبير بأن يقوم المجلس الأعلى للمرأة بدور كبير في المستقبل لدفع عجلة التحديث النسوي لصالح المرأة التي عانت سنين من التمييز. ولاشك في ان للمجلس بصماته الواضحة في بعض التعديلات التي تجرى هنا أو هناك، ولا ننسى أيضا دور اللجنة الشعبية التي قادتها غادة جمشير لصالح القضاء.
لقد قال سقراط ذات يوم: «المرأة أحلى هدية قدمها الله إلى الانسان»، وهوكيلي كان يقول: «المرأة مثل العشب الناعم ينحني أمام النسيم ولكنه لا ينكسر للعاصفة».
صحيح ان التراث العربي قسى كثيرا على المرأة وان التاريخ ظلمها، ولكن القرن الواحد والعشرين قد يكون فيه للمرأة دور للقيادة وتقلد السلطات. كان المتوكل يمتلك 4000 جارية، وطالما سمعنا المتنبي وهو يقول:
إذا غدرتْ حسناء وَفَتْ بعهدها
فمِنْ عهدها أن لا يدومُ لها عهدُ
وليس غريبا على شاعرنا الفيلسوف المعري وهو ينشد بثقافة ذكورية:
إلا ان النساءَ حبالُ غيٍّ
بهن يضيّعُ الشرفُ التليدُ
وهكذا هي الثقافات... طالما اطلق الرصاص على المرأة وعلى النساء بدعوى أنهن «شياطين الجيوب» و«الحيوان الوحيد الذي يمكن سلخه أكثر من مرة»، ولكن الحقيقة انها نصف المجتمع وهي واحة السلام وأحد الضعيفين... تستحق العطف والرحمة والانسانية والتقدير أيضا.
لست عاطفيا والمرأة اليوم اثبتت قدرتها وليست بحاجة الى مترافعين وما أكثر المحاميات القديرات، ولكن دعونا نفسح المجال للمرأة كوزيرة، لنتعاون معها وخصوصا بعد خراب البصرة وأملنا في عدم موت العشب. وعلى الرجال والنساء وخصوصا النساء دعم هذه التجربة الوليدة لأول وزيرة بحرينية فقد يربح البحريني شيئا من الثمار. الجميع مطالب بالتعاون معها، وشكر يقدم للوزير خليل حسن على روحيته الوطنية العالية في دعمه للوزيرة، ونتمنى من الاستشاريين ايضا دعم هذه الوزيرة. وكل أملنا في تحقيق مطالب المجتمع ولا ننسى الموازنة، أسرّة للعناية القصوى، تثبيت أطباء الأسنان (41 طبيبا وطبيبة) وتثبت 300 طبيب في السلمانية، تعديل الكادر الوظيفي، مراعاة الموظفين بشتى أقسامهم في الوزارة
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 595 - الخميس 22 أبريل 2004م الموافق 02 ربيع الاول 1425هـ