كانت إيران منذ نحو عقدين ونيف تخوض معارك ضارية مع أميركا في حقلي الاقتصاد والسياسة ومازالت، وتوالت المحاولات الأميركية لخنق إيران من دون كلل أو ملل، ودارت آخر المعارك الاقتصادية بين البلدين في ساحة نفط بحر قزوين الواعدة في بداية سنوات التسعين من القرن الماضي، والتي حاولت فيها الولايات المتحدة وعبر مختلف الوسائل إبعاد إيران عن الفوائد المهولة التي كانت ستجنيها من تلك الحقول إنتاجا وتنقيبا وتسويقا.
وفي إطار سعيها إلى كسر الطوق الذي فرضته عليها الولايات المتحدة بدءا بغزو أفغانستان واحتلال العراق، ومرورا بالكثير من المعارك التي تدور يوميا في مختلف الساحات الدولية كانت إيران تدير كل معاركها وفقا لآليات لا تعتمد المواجهة، وكانت آخرها مبادرة تستهدف إجراء مقايضات نفطية يبلغ حجمها 370 ألف برميل يوميا مع جيرانها في بحر قزوين بدءا من أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2005، مثلت إدارة مبدعة لأزمة متنامية. وتأمل إيران زيادة الكميات التي تحصل عليها من خامات بحر قزوين لتكريرها للاستهلاك في سوقها المحلية مقابل بيع كميات من الخام الإيراني من منطقة الخليج لحساب دول منتجة من بحر قزوين لتعزز مصالحها في المنطقة التي تحاول الولايات المتحدة أن يكون لها فيها نفوذ من خلال خط أنابيب تبلغ استثماراته ثلاثة مليارات دولار.
ونقلت تقارير وكالات الأنباء أمس عن مدير الشركة الوطنية للهندسة والإنشاءات النفطية الإيرانية رضا كاساي زاده قوله: «ان حجم مقايضات الخام سيرتفع إلى 500 ألف برميل يوميا بعد إقامة المزيد من محطات الضخ».
وفي السياق كانت إيران جددت ميناء «نيكا» المطل على بحر قزوين لاستقبال ناقلات كبيرة، وأقامت منشآت لتخزين النفط الخام. كما طلبت بناء ست ناقلات نفط سعة كل منها 60 ألف طن من روسيا بقيمة 240 مليون دولار، وتأمل أن تكون جاهزة للعمل في العام 2005. وكان حقل «كازاخ» العملاق المتوقع أن يبدأ الإنتاج في العام 2007 أثار سباقا بين طهران وموسكو وواشنطن للسيطرة على مسارات تصدير النفط من بحر قزوين.
وجاءت المبادرة الإيرانية المبدعة لإدارة أزمة نفط بحر قزوين لتحقق أهدافها الاقتصادية وفقا للغة المصالح لا السياسة ولا الايديولوجيا
العدد 594 - الأربعاء 21 أبريل 2004م الموافق 01 ربيع الاول 1425هـ