النواب يستجوبون أنفسهم بدلا من استجواب الوزراء. هذا ما جاء به تعليق الزميل عقيل ميرزا في نقله لوقائع استجواب النواب للوزراء. الواقع أن النواب استنزفوا فعلا في هذا الملف، وأصبحوا يرغبون في الخروج بأية نتيجة كانت، في ظل عدم سلامة مسار التحقيق من الأساس، وعدم سلامة مسار الملف، لأنه لم يؤتَ من الاتجاه الصحيح، وإنما تم الالتفاف عليه بغية إرسال رسالة للناس والمعارضة عن الدور الذي يضطلع به النواب، وحلم النواب بالإنجاز فيه بشكل غير واقعي، فخسروا رهان الناس والمعارضة، وخسروا رهان الحكومة.
ليس غريبا أن يحدث التباين في أفعال النواب في نهايات هذا الملف، وأن يستجوب النواب أنفسهم، فالتظاهر الشكلي بالمضي في الاستجواب، والحماس له في البدايات؛ انتهى مع ظهور السجية الحقيقية لبعض الكتل، وبدا واضحا أن الكثير من الكتل لا تستطيع فعلا المضي في معارضة الحكومة، لأنها لم تتلبس هذا الدور لا سابقا ولا لاحقا، ومن الصعب عليها الاستمرار في لعب هذا الدور حتى مع ممارسة الضغوط الشعبية عليها، لأنه ينافي دورها الحقيقي المرسوم لها.
يبدو أن دكان التقاعد والتأمينات أقفل بالشمع الأحمر، ونتيجته - في ظل التواء الملف وتحايله على القانون عبر المضي في الاستجواب من دون الطعن في المادة 45 - الاستنزاف الذي حصل وسيحصل للنواب، وانكشاف التناقضات بشكل معمق ينبئ عن عجز ذاتي بموازاة العجز الدستوري. يا ترى: كيف سيكون موقف النواب من ملف التجنيس الذي أشهرت الحكومة في وجهه المادة 45 قبل أن ينطلق كـ «اشتراط قانوني»؟، ويوجد خلاف داخل لجنة التحقيق بشأن وجود مخالفات قانونية من عدمها، فضلا عن الإشكالية السياسية التي تكتنفه بصفتها مفرزا طبيعيا في مواقف الكتل البرلمانية ذات النسب التمثيلية العالية، وفق ما أريد لها أن تكون حين توزيع الدوائر الانتخابية
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 594 - الأربعاء 21 أبريل 2004م الموافق 01 ربيع الاول 1425هـ