العدد 594 - الأربعاء 21 أبريل 2004م الموافق 01 ربيع الاول 1425هـ

علاقة الصحافي بالجهات الرسمية والأهلية

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

في دول التحول ناحية «الديمقراطية» يعاني الصحافي من ضغوط شتى، من قوى مجتمعية مختلفة ومتخلفة، ففلان يزعل، وفلان يطالب أن تكون صورته وعباراته ضمن المانشيتات الرئيسية (وكأنه اخترع شيئا مذهلا للبشرية)، وفلان يكيل الاتهامات بالعمالة والحكومية، وجميع أنواع «التهم الجاهزة» والتي لا يتعب الذهن العربي لاستحضارها، والبعض الآخر يتهم الصحافة بالممالأة، وهكذا. ويواجه الصحافي في بعض الأحيان وضعا مأسويا.

أحد الصحافيين حدثني أنه جلس يتفكر ذات يوم، وإذا به يصل إلى نتيجة مفادها لو أنه استقال من عمله كصحافي فلن يقبل توظيفه أحد! لا وزير ولا مدير ولا نائب ولا أحد. الكل متربص به (ومشيش عليه) وهذه هي ضريبة الصحافي النزيه والحر يدفعها من رصيد علاقاته الاجتماعية ومميزات البرتوكولات الرسمية، والتي كان سيتقدم الجمع لو أنه (لمّع) صورة فلان و(طبّل) لفلان و(زمّر) لعلان... وقال للأبيض أسود إذا أراد الرئيس وقال للأسود أبيض إذا أرادت القوى المجتمعية الأخرى ذلك.

وبالنسبة إلى العلاقة بالجهات الرسمية فإن القيد الأساسي هو القانون، وبعد ذلك تتدرج مساحة القيود، اتساعا أو تضييقا، بحسب أهمية الوزارة من جهة ومزاجية الوزير أو مدير الإدارة من جهة أخرى، ففي البحرين لا يوجد قانون يلزم الجهات الرسمية الكشف عن الأوراق غير السرية للصحافيين في حال طلبها، فهل نتوقع من مجلس النواب أن يقوم بسن قانون لذلك؟ قانون يسمح للصحافيين بطلب الأوراق أو نسخة منها في حال كونها غير سرية. مع أنه لم يجتهد أحد من النواب في تقديم مقترح برغبة، مع كثرة الرغبات حتى أصبحت مثل الرغوات لا تنفع ولا تضر! نأمل أن يلتفت النواب لذلك.

وعلى رغم أن سلطات الحكم في الأنظمة التسلطية الدكتاتورية (أو شبه الدكتاتورية) تتمترس دائما بجيش من الصحافيين، وتستنبتهم استنباتا، وتراكمهم على بعضهم (كشأن الخبيث في القرآن يركمه الله على بعضه)، إلا أن هناك من (يتطوّع) ويقدم خدماته ويعرضها مجانا، نهارا جهارا، ومن دون مقابل!

وفي مقابل ذلك هناك بعض الصحافيين على رغم الضغوط المجتمعية، والسياق العام للواقع المعيشي الصعب؛ فإنهم يصابرون ويرابطون في مواقعهم التنويرية في خدمة الحقيقة... وهي خدمة الجمهور. وبالتالي لا ينحرفون ويجرفهم تيار مجتمعي يميني أو يساري، ولا يتأثرون إلا بحيادية الموقف، ونزاهة الكلمة من الشوائب، وبالتالي لا يتحول هذا الصحافي إلى ناقل لما يهواه الجمهور، بل هو ناقل للحقيقة، وهنا تكمن المفارقة والتحول عند الصحافي من الاحتراف والمهنية إلى الزبائنية - إن صح التعبير - في علاقة الصحافي مع الجمهور، وتتحول إلى علاقة عرض وطلب، وبقدر ما يطلب الجمهور إعادة المشهد وتكراره يلبي الصحافي الطلب! فيقع الصحافي في شراك الضغوط المجتمعية، وبدلا من أن يؤثر بها، تجده يركب الموجة معها، فمن التأثير في الرأي العام وتنويره بالحقائق؛ يتأثر الصحافي بالرأي العام ويصبح (سيمفونية) معادة لما يقوله ويتناقله الوسط المجتمعي المحيط، والضاغط

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 594 - الأربعاء 21 أبريل 2004م الموافق 01 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً